على الإسلام وعلى مصابرتكم فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ أيّنا تكون له العاقبة الحسنى التي خلق الله لها هذه الدار وقرئ يكون بالياءِ والتهديد بصيغة الأمر مبالغة في الوعيد وتسجيل على المأمور بأنّه لا يأتي منه إلّا الشرّ وهذا كقوله تعالى اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ وضع الظالمين موضع الكافرين لأنّه أَعَمّ وأكثر فائِدة.
(١٣٦) وَجَعَلُوا لِلَّهِ يعني مشركي العرب مِمَّا ذَرَأَ مما خلق الله مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ من غير أن يؤمروا به وَهذا لِشُرَكائِنا أصنامهم التي أشركوها في أموالهم وقرئ بضمّ الزّاي وكذا فيما يأتي فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ حكمهم هذا ، روي أنهم كانوا يعيّنون شيئاً من حرث ونتاج لله ويصرفونه الى الضيفان والمساكين وشيئاً منهما لآلهتهم وينفقون على سَدَنتها (١) ويذبحون عندها ثمّ ان رأوا ما عيّنوا لله أزكى بدّلوه بما لآلهتهم وان رأوا ما لآلهتهم أزكى تركوه لها حبّاً لآلهتهم واعتلّوا لذلك بأنّ الله غنيّ.
وفي المجمع عن أئمّتنا عليهم السلام : كان إذا اختلط ما جعل للأصنام بما جعل لله ردّوه وإذا اختلط ما جعل لله بما جعلوه للأصنام تركوه وقالوا الله غنيّ وإذا انخرق الماء من الذي لله في الذي للأصنام لم يسدّوه وإذا انخرق (٢) من الذي للأصنام في الذي لله سدّوه وقالوا إنّ الله غنيّ قيل وفي قوله مِمَّا ذَرَأَ تنبيه على فرط جهالتهم فانّهم أشركوا الخالق في خلقه جماداً لا يقدر على شيء ثمّ رجحوه عليه بأن جعلوا الزّاكي له.
(١٣٧) وَكَذلِكَ ومثل ذلك التّزيين زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ بالوأد (٣) خيفة العيلة أو العار أو بالنحر لِآلهتهم شُرَكاؤُهُمْ من الشياطين أو السدنة لِيُرْدُوهُمْ ليهلكوهم بالإغواء وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وليخلطوا عليهم ما كانوا عليه وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ.
__________________
(١) سدن سدناً وسدانة خدم الكعبة أو بيت الصّنم وعمل الحجابة فهو سادن.
(٢) قوله إذا انخرق أي انفتح وخرج.
(٣) وَأَدَبِنْتَهُ يَئِدُها دَفَنَها حَيّةً فهي وَئِيدٌ ووئيدةٌ وموءودة.