ثم فسرها في هذه الآية فقال مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ عنى الأهليّ والجبليّ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ عنى الأهليّ والوحشِيّ الجبليّ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ عنى الأهليّ والوحشِيّ الجبليّ وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ يعني البخاتيّ والعراب فهذه أحلّهَا الله.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : حمل نوح عليه السلام في السفينة الأزواج الثمانية التي قال الله عزّ وجلّ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ الآية فكان مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ زوج داجنة (١) يربيها الناس والزوج الآخر الضّأن التي تكون في الجبال الوحشية أحلّ لهم صيدها وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ زوج داجنة يربيها الناس والزوج الآخر الضّباء التي تكون في الغار وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ البخاتي والعراب وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ زوج داجنة للناس والزوج الآخر البقر الوحشية وكل طير طيب وحشي وانسيّ.
وفيه وفي الفقيه عن داود الرقيّ قال : سألني بعض الخوارج عن هذه الآية مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ الآية ما الذي أحلّ الله من ذلك وما الذي حرَّم فلم يكن عندي فيه شيء فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام وأنا حاجّ فأخبرته بما كان فقال إنّ الله تعالى أحلّ في الأضحية بمنى الضّأن والمعز الأهليّة وحرّم أن يضحّى بالجبليّة وأمّا قوله وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ فانّ الله تعالى أحلّ في الأضحيَة الإبل العراب وحرّم منها البخاتي (٢) وأحلّ البقر الأهليّة أن يضحى بها وحرّم الجبلية فانصرفت إلى الرجل فأخبرته بهذا الجواب فقال هذا شيء حملته الإبل من الحجاز.
أقول : لعلّ الخارجي كان قد سمع تحريم الأضحية ببعض هذه الأزواج الثمانية مع حلّها كلّها فأراد أن يمتحن بمعرفته داود ولعلّ علة تحريم الأضحية بالجَبَليّة منها بمنى كونها صيداً وتحريمها بالبخت لعلةٍ أخرى.
قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً طعاماً محرماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ فيه إيذان بأن التحريم انّما يثبت بالوحي لا بالهوى إِلَّا أَنْ يَكُونَ الطعام مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً
__________________
(١) دجن بالمكان دجناً من باب قتل ودجوناً : أقام فيه ، وأدجن مثله.
(٢) الظاهران المراد بالبخاتي في هذا الخبر هو الوحشي من الإِبل.