مع جميع ما فيه من الأجسام أعني العالم الجسماني بتمامه وقد يراد به ذاك المجموع مع جميع ما يتوسط بينه وبين الله سبحانه من الأرواح التي لا تتقوّم الأجسام الّا بها أعني العوالم كلها بملكها وملكوتها وجبروتها.
وبالجملة ما سوى الله عزّ وجلّ وقد يراد به علم الله سبحانه المتعلق بما سواه وقد يراد به علم الله سبحانه الذي اطلع عليه أنبياءه ورسله وحججه وقد وقعت الإشارة الى كل منها في كلامهم وربما يفسر بالملك والإستواء بالاحتواء كما يأتي في سورة طه ويرجع إلى ما ذكر ، ثم أقول فسّر الصادق عليه السلام الإستواء في روايات الكافي باستواء النسبة والعرش بمجموع الأشياء وضمن الإستواء في الرواية الأُولى ما يتعدى بعلى كالاستيلاء والإشراف ونحوهما لموافقة القرآن فيصير المعنى استوى نسبته إلى كل شيء حال كونه مستولياً على الكل ففي الآية دلالة على نفي المكان عنه سبحانه خلاف ما يفهمه الجمهور منها وفيها أيضاً إشارة إلى معيّته القيّومية واتصاله المعنوي بكل شيء على السواء على الوجه الذي لا ينافي أحدّيته وقدس جلاله وإلى افاضة الرحمة العامّة على الجميع على نسبة واحدة واحاطة علمه بالكل بنحو واحد وقربه من كل شيء على نهج سواء وأتى بلفظة من في الرواية الثانية تحقيقا لمعنى الإستواء في القرب والبعد وبلفظة في الثالثة تحقيقاً لمعنى ما يستوي فيه وامّا اختلاف المقربين كالأنبياء والأولياء مع المعبّدين كالشياطين والكفّار في القرب والبعد فليس ذلك من قبله سبحانه بل من جهة تفاوت أرواحهم في ذواتها.
وفي التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث : الجاثليق قال إنّ الملائكة تحمل العرش وليس العرش كما يظن كهيئة السرير ولكنه شيء محدود مخلوق مدبر وربّك عزّ وجل مالكه لا أنّه عليه ككون الشيء على الشيء يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يغطيه به وقرء بالتشديد يَطْلُبُهُ حَثِيثاً يعقبه سريعاً كالطالب له لا يفصل بينهما شيء وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ وقرء برفع الكل أَلا لَهُ الْخَلْقُ عالم الأجسام وَالْأَمْرُ عالم الأرواح تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ تعالى بالوحدانية في الالوهية وتعظم بالفردانية في الربوبية.
(٥٥) ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً ذوي تضرّع وخفية فان الإخفاء أقرب إلى