بأساً إذا اشتدّ وقرء على وزن ضيغم وبكسر الباء وسكون الهمزة وبكسرها وقلب الهمزة باءً بِما كانُوا يَفْسُقُونَ بسبب فسقهم.
(١٦٦) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ تكبّروا عن النهي أو عن ترك ما نهوا عنه وهذا مثل قوله تعالى وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ مطرودين مبعدين من كل خير كقوله إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.
في تفسير الإِمام عليه السلام : في سورة البقرة عند قوله وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ قال عليّ بن الحسين عليهما السلام : كان هؤلاء قوماً يسكنون على شاطئ بحر نهاهم الله وأنبياؤه عن اصطياد السمك في يوم السبت فتوصلوا إلى حيلة ليحلّوا بها لأنفسهم ما حرّم الله فخدّوا أخاديد (١) وعملوا طرقاً تؤدي إلى حياض تتهيّأ للحيتان الدخول فيها من تلك الطرق ولا يتهيأ لها الخروج إذ همّت بالرجوع فجاءت الحيتان يوم السبت جارية على أمان لها فدخلت الأخاديد وحصلت في الحياض والغُدران فلما كانت عشية اليوم همّت بالرجوع منها إلى اللّجُجَ لتأمن من صايدها فرامت الرجوع فلم تقدر وبقيت ليلها في مكان يتهيّؤ أخذها بلا اصطياد لإِسترسالها فيه وعجزها عن الامتناع لمنع المكان لها وكانوا يأخذون يوم الأحد ويقولون ما اصطدنا في السبت إنّما اصطدنا في الأحد وكذب أعداء الله بل كانوا آخذين لها بأخاديدهم التي عملوها يوم السبت حتّى كثر من ذلك ما لهم وثراهم وتنعموا بالنساء وغيرهم لإِتساع أيديهم به.
وكانوا في المدينة نيفاً وثمانين ألفاً فعل هذا منهم سبعون ألفاً وأنكر عليهم الباقون كما قص الله وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ الآية وذلك أنّ طائفة منهم وعظوهم وزجروهم ومن عذاب الله خوفوهم ومن انتقامه وشدائد بأسه حذروهم فأجابوهم من وعظهم لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ بذنوبهم هلاك الاصطلام (٢) أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً أجاب القائلين هذا لهم مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ هذا القول منا لهم
__________________
(١) الأخدود شق في الأرض مستطيل جمعه أخاديد وخدّ الأرض من باب مدّ شقّها.
(٢) الاصطلام الاستيصال وهو افتعال من الصّلم وهو القطع المستأصل وصلمت الأذن من باب ضرب استأصلتها قطعاً م.