عندهم فبعثه رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم فأتاهم فقالوا ما ترى يا أبا لبابة أننزل على حكم سعد بن معاذ فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه انّه الذّبح فلا تفعلوا فأتاه جبرئيل فأخبره بذلك قال أبو لبابة فو الله ما زالت قدماي من مكانهما حتّى عرفت أنّي قد خنت الله ورسوله فنزلت الآية فيه فلّما نزلت شدّ نفسه على سارية (١) من سواري المسجد وقال والله لا أذوق طعاماً ولا شراباً حتّى أموت أو يتوب الله عليّ فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاماً ولا شرابا حتّى خرّ مغشيّاً عليه ثمّ تاب الله عليه فقيل له يا أبا لبابة قد تيب عليك فقال لا والله لا أحلّ نفسي حتّى يكون رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم هو الذي يحلّني فجاءه فحلّه بيده ثمّ قال أبو لبابة إن من تمام توبتي أن أهجر دار قوميَ التي أصبت فيها الذنب وأن أخلع من مالي فقال النّبيّ صلىَّ الله عليه وآله وسلم يجزيك الثّلث أن تتصدّق به.
والقمّيّ عن الباقر عليه السلام : فخيانة الله والرسول معصيتهما أمّا خيانة الأمانة فكل إنسان مأمون على ما افترض الله عزّ وجلّ عليه قال نزل في أبي لبابة بن عبد المنذر فلفظ الآية عامّ ومعناها خاصّ قال ونزلت في غزوة بني قريظة في سنة خمس من الهجرة وقد كتبت في هذه السورة مع أخبار بدر وكانت على رأسَ ستة عشر شهراً من مقدم رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم المدينة ونزلت مع الآية التي في سورة التوبة قوله وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ التي نزلت في أبي لبابة قال فهذا الدليل على أنّ التأليف على خلاف ما أنزل الله على نبيّه ثمّ ذكر هذه القصة هناك كما يأتي.
(٢٨) وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ (٢) لإِلهائهم إيّاكم عن ذكر الله وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ لمن آثر رضاء الله عليهم.
في المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام : لا يقولنّ أحدكم اللهم إنّي أعوذ بك
__________________
(١) السارية : الأسطوانة.
(٢) أي بلاء ومحنة وسبب لوقوعكم في الجرائم العظام يعني انه سبحانه يختبرهم بالأموال والأولاد ليتبينّ الراضي بقسمة ممّن لا يرضى به وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم ولكن ليظهر الأفعال التي بها يستحقّ الثواب والعقاب.