وانّما ذكر هذا في كتابنا لكي نتّعظ بهم وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا ليطيعُوا إِلهاً واحِداً وهو الله تعالى وأمّا طاعة الرسل وأوصيائهم فهي في الحقيقة طاعة الله لأنّهم عن الله يأمرون وينهون لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ تنزيه له عن الاشراك.
(٣٢) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا يخمدوا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ (١) بشركهم وتكذيبهم وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ باعلاءِ التوحيد وإعزاز الإسلام وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ مثل الله سبحانه حالهم في طلبهم إبطال نبوّة محمّد صلىَّ الله عليه وآله وسلم وولاية عليّ عليه السلام بالتكذيب بحال من يريد أن ينفخ في نور عظيم يريد الله أن يبلغه الغاية القصوى من الإضاءة والإنارة ليطفئه بنفخه.
في الإِحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام : في هذه الآية يعني أنّهم أثبتوا في الكتاب ما لم يقله الله ليلبسوا على الخليقة فأعمى الله قلوبهم حتّى تركوا فيه ما دلّ على ما أحدثوه فيه وحرفوا منه.
وعنه عليه السلام : وجعل أهل الكتاب القيّمين به والعالمين بظاهره وباطنه من شجرة أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها أي يظهر مثل هذا العلم لمحتمليه في الوقت بعد الوقت وجعل أعداءها أهل الشجرة الملعونة الذين حاولوا إطفاء نور الله بأفواههم فأبى الله إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ.
وفي الإكمال عن الصادق عليه السلام : وقد ذكر شقّ فرعون بطون الحوامل في طلب موسى كذلك بنو أميّة وبنو العبّاس لمّا أن وقفوا على أنّ زوال ملك الأمراءِ والجبابرة منهم على يد القائم ناصبونا العداوة ووضعوا سيوفهم في قتل أهل بيت رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم وابادة نسله طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم عليه السلام فأبى الله أن يكشف أمره لواحد من الظّلمة إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.
(٣٣) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ
__________________
(١) لأن الإطفاء يكون بالأفواه وهو النّفخ وهذا من عجيب البيان مع ما فيه من تصغير شأنهم وتضعيف كيدهم لأنّ الفم يؤثر في الأنوار الضّعيفة دون الأقياس العظيمة مجمع البيان.