لَمِنْكُمْ وتحقيق لقوله وَما هُمْ مِنْكُمْ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ بالكفر والمعاصي وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ عن الإيمان والطاعة وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ شحّاً بالخيرات والصدقات (١) نَسُوا اللهَ أغفلوا ذكره فَنَسِيَهُمْ (٢) فتركهم عن رحمته وفضله.
في التوحيد والعيّاشيّ عن أمير المؤمنين عليه السلام : يعني نَسُوا اللهَ في دار الدنيا فلم يعملوا بطاعته فَنَسِيَهُمْ في الآخِرة أي لم يجعل لهم في ثوابه نصيباً فصاروا منسيّين عن الخير.
والعيّاشيّ عن الباقر عليه السلام : نَسُوا اللهَ تركوا طاعة الله فَنَسِيَهُمْ قالَ فتركهم إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ هم الكاملون في التمرّد والفسوق عن دائرة الخير.
(٦٨) وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ عقاباً وجزاءً فيه دلالة على عظم عذابها نعوذ بالله منها وَلَعَنَهُمُ اللهُ أبعدهم من رحمته وأهانهم وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ لا ينقطع فيها ويجوز أن يكون المراد به ما يقاسونه من تعب النفاق وما يخافونه أبداً من الفضيحة.
(٦٩) كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أنتم مثلهم كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالاً وَأَوْلاداً بيان لتشبيههم بهم وتمثيل حالهم بحالهم فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ نصيبهم من ملاذّ الدُّنيا فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ ذمّ الأولين باستمتاعهم بحظوظهم الفانية والتهائهم بها عن النظر في العاقبة والسعي في تحصيل اللّذائذ الحقيقية الباقية تمهيداً لذمّ المخاطبين لمشابهتهم بهم واقتفائهم أثرهم وَخُضْتُمْ دخلتم في الباطل كَالَّذِي خاضُوا كالخوض الذي خاضوه أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لم يستحقّوا عليها ثواباً في الدارين وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ الذين خسروا الدنيا والآخرة.
(٧٠) أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ كيف أغرقوا بالطّوفان وَعادٍ كيف أهلكوا بالرّيح وَثَمُودَ كيف أهلكوا بالرّجفة وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ كيف أهلك نمرود
__________________
(١) وقيل معناه يمسكون أيديهم عن الجهاد في سبيل الله م ن.
(٢) وذكر ذلك لازدواج الكلام لأنّ النّسيان لا يجوز عليه تعالى م ن.