(٨١) فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ بقعودهم عن الغزو وخلفه يقال أقام خلاف القوم أي بعدهم وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ايثاراً للدّعة والخفض (١) على طاعة اللهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قاله بعضهم لبعض وقد سبق قصّة الجد بن قيس في ذلك عند تفسير وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وهذا تفضيح له من الله سبحانه قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا وقد أثرتموها بهذه المخالفة لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ أنّ ما بهم إليها وانّها كيف هي مَا اختاروها بإيثار الدعة على الطاعة.
(٨٢) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً إمّا على ظاهر الأمر وإمّا أخبار عمّا يؤول إليه حالهم في الدنيا والآخرة يعني فيضحكون قليلاً ويبكون كثيراً أخرجه على صيغة الأمر للدلالة على أنّه حتم واجب ويجوز أن يكون الضحك والبكاء كنايتين عن السرور والغمّ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ من الكفر والتخلف
(٨٣) فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فانّ ردّك إلى المدينة وفيها طائفة من المتخلّفين يعني المنافقيهم ممّن لم يتب ولم يكن له عذر صحيح في التخلف فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ إلى غزوة أخرى بعد تبوك فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا اخبار في معنى النهي للمبالغة إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ تعليل له وكان اسقاطهم عن ديوان الغزاة عقوبة لهم على تخلّفهم أوّل مرّة وهي الخرجةِ إلى غزوة تبوك فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ أي المتخلّفين لعدم لياقتهم للجهاد كالنّساءِ والصّبيان.
(٨٤) وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً لا تدعو له وتستغفِر وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ للدّعاءِ.
في المجمع : فانه عليه السلام كان إذا صلىّ على ميت يقف على قبره ساعة ويدعو له فنهاه الله عن الصلوة على المنافقين والوقوف على قبرهم والدعاء لهم ثمّ بيّن سبب الأمرين إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ.
__________________
(١) الخفض الراحة والسّكون يقال هو في خفض من العيش أي في سعة وراحة ومنه عيش خافض وعيش خفيض اي واسع م.