الأوَّلين على درجة سبقهم ثمّ ثنّى بالأنصار ثمّ ثلّث بالتابعين بِإِحْسانٍ فوضع كلّ قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم عنده رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ بقبول طاعتهم وارتضاءِ أعمالهم وَرَضُوا عَنْهُ بما نالوا من نعمه الدّينيّة والدّنيويّة وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ وقرء من تحتها كما هو في سائر المواضع خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١).
(١٠١) وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ ممّن حول بلدتكم يعني المدينة مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عطفٌ عَلى مِمَّنْ حَوْلَكُمْ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ صفة للمنافقين أي تمهّروا (٢) فيه وتمرّنوا (٣) لا تَعْلَمُهُمْ لا تعرفهم بأعيانِهِم وهو تقرير لمهارتهم فيه يعني يخفون عليك مع فطنتك وصدق فراستك (٤) لفرط تحاميهم مواقع الشك في أمرهم نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ونطلع على أسرارهم سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ في الجوامع هو ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند قبض أرواحهم وعذاب القبر (٥) ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ عذاب النار.
(١٠٢) وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
القمّيّ وفي المجمع عن الباقر عليه السلام : نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر وقد سبقت قصته عند تفسير لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ من سورة الأنفال.
__________________
(١) قيل نزلت هذه الآية فيمن صلّى إلى القبلتين وقيل نزلت فيمن بايع بيعة الحديبيّة ومن أسلم بعد ذلك وهاجر فليس من المهاجرين الأولين وقيل هم أهل بدر وهم الّذين اسلموا قبل الهجرة «مجمع البيان».
(٢) المتمهّر الأسد الحاذق بالافتراس وتمهّر حذق ق.
(٣) مَرَن على الشّيء يمرن مروناً ومرانة تعوّد واستمرّ عليه ص.
(٤) في الحديث : اتّقوا فراسة المؤمن فانّه ينظر بنور الله الفراسة بالكسر الاسم من قولك تفرّست في خيراً وهي نوعان أحدهما ما يوقعه الله في قلوب أوليائه فيعلمون بعض أحوال الناس بنوع من الكرامات واصابة الحدس والظنّ وهو ما دلّ عليه ظاهر الحديث اتّقوا آه وثانيهما نوع يعلم بالدلائل والتجارب والأخلاق م.
(٥) فيه اقوال أحدها ما ذكره المصنّف رحمه الله والثاني معناه سَنُعَذِّبُهُمْ في الدّنيا بالفضيحة فانّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم ذكر رجالاً منهم وأخرجهم من المسجد الحرام يوم الجمعة في خطبته وقال اخرجوا فانّكم منافقون ونعذّبكم في القبر والثالث مرّة في الدنيا بالسّبي والقتل ومرة في الآخرة بعذاب القبر وروى : عذّبوا بالجوع مرتين والرابع أخذ الزكاة منهم وعذاب القبر الخامس غيظهم من أهل الإسلام وعذاب القبر السادس إقامة الحدود عليهم وعذاب القبر وكلّ ذلك محتمل وهاتان المرّتان قبل أن يردّوا الى عذاب النّار.