الماسّة عنهم وتأنّاهم برأفة النبوّة وتصبر معهم بأحلام الرّسالة وتكون لهم كهيئة الطّبيب المداوي العالم بمداواة الدّواءِ فخرجت بهم ولم تستعمل قلوبهم بالرّفق ولم تسسهم بسياسة المرسلين ثمّ سألتني عن سوء نظرك والعذاب لهم عند قلة الصبر منك وعبدي نوح كان أصبر منك على قومه وأحسن صحبة وأشدّ تأنّياً في الصبر عندي وأبلغ في العذر فغضبت له حين غضب لي وأجبته حين دعاني فقال يونس يا ربّ إنّما غضبت عليهم فيك وانّما دعوت عليهم حين عصوك فو عزّتك لا أتعطف عليهم برأفة أبداً ولا أنظر إليهم بنصيحة شفيق بعد كفرهم وتكذيبهم إيّاي وجحدهم نبوتي فأنزل عليهم عذابك فانّهم لا يؤمنون أبداً فقال الله تعالى يا يونس انّهم مائة ألف أو يزيدون من خلقي يعمرون بلادي ويلدون عبادي ومحبّتي ان أتأنّاهم للذي سبق من علمي فيهم وفيك وتقديري وتدبيري غير علمك وتقديرك وأنت المرسل وأنا الرّب الحكيم وعلمي فيهم يا يونس باطن في الغيب عندي لا يعلم ما منتهاه وعلمك فيهم ظاهر لا باطن له يا يونس قد أجبتك إلى ما سألت من انزال العذاب عليهم وما ذلك يا يونس بأوفر لحظك من عندي ولا أحمد لشأنك وسيأتيهم عذاب في شوّال يوم الأربعاء وسط الشهر بعد طلوع الشمس فأعلمهم ذلك قال فسّر ذلك يونس ولم يسؤه ولم يدر ما عاقبته فانطلق يونس إلى تنوخا العابد وأخبره بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في ذلك اليوم وقال له انطلق حتّى أعلمهم بما أوحى الله إليّ من نزول العذاب فقال تنوخا فدعهم في غمرتهم ومعصيتهم حتّى يعذبهم الله فقال له يونس بل نلقى روبيل فنشاوره فانّه رجل عالم حكيم من أهل بيت النّبوّة فانطلقا إلى روبيل فأخبره يونس بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في شوّال يوم الأربعاء في وسط الشهر بعد طلوع الشمس فقال له ما ترى انطلق بنا حتّى أعلمهم بذلك فقال له روبيل ارجع إلى ربّك رجعة نبيّ حكيم ورسول كريم واسأله أن يصرف عنهم العذاب فانّه غنيّ عن عذابهم وهو يحبّ الرفق بعباده وما ذلك بإصر (١) لك عنده ولا أسرى لمنزلتك لديه ولعلّ قومك بعد ما سمعت ورأيت
__________________
(١) الإصر الذنب والثّقل والإصر أيضاً الكسر يقال اصرت الأمر اصراً أي كسرته م ص.