الآخر ولم أكن أترك الناس بغير حجّة لي وداع إليّ وهادٍ إلى سبيلي وعارفٍ بأمري فانّي قد قضيت أن أجعل لكل قوم هادياً أهدي به السعداءَ ويكون حجة لي على الأشقياءِ قال فدفع نوح الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبّوة إلى سام وأمّا حام ويافث فلم يكن عندهما علم ينتفِعان به قال وبشّرهم نوح يهود وأمرهم باتباعه وأمرهم أن يفتحوا الوَصيّة في كل عام وينظروا فيها ويكون عيداً لهم.
(٥٠) وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً أَخاهُمْ يعني أحدهم كما سَبَق بيانه في سورة الأعراف قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وحده ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وقرء بالجرِّ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ على الله باتخاذ الأوثان شركاءَ وجعلها شفعاءَ.
(٥١) يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي خاطب كلّ رسول به قومه إزاحةً للتهمة وتمحيصاً للنصيحة فانّها لا تنجع ما دامت مشوبة بالمطامع أَفَلا تَعْقِلُونَ أفلا تستعملون عقولكم فتعرفوا المحقّ من المبطل والصّواب من الخَطَأ.
(٥٢) وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ اطلبوا مغفرة الله بالإيمان ثمّ توسّلوا إليها بالتّوبة يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً كثير الدّرّ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ ويضاعف قوّتكم قيل رغّبهم في الإيمان بكثرة المطر وزيادة القوّة لأنّهم كانوا أصحاب زروع وبساتين وكانوا يدلّون بالقوّة والبطش وَلا تَتَوَلَّوْا ولا تعرضوا عني وعمّا أدعوكم إليه مُجْرِمِينَ مصرّين على اجرامكم.
(٥٣) قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ بحجّة تدلّ على صحّة دعواك وهو كذب وجحود لفرط عنادهم وعدم اعتدادهم بما جاءهم من المعجزاتِ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا بتاركي عبادتهم عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ اقناط له من الإجابة والتصديق.
(٥٤) إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ أصابك بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ بجنون لسبّك إِيّاها وصدك عنها فمن ثمة تتكلّم بكلام المجانين قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ.
(٥٥) مِنْ دُونِهِ من اشراككم آلهةً من دونه فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ واجههم بهذا الكلام مع قوّتهم وشدّتهم وكثرتهم وتعطّشهم إلى اراقة دمِه ثقةً بالله واعتماداً