فأنزل الله تحريمها بعد ذلك وانما كانت الخمر يوم حرّمت بالمدينة فضيخ البُسر والتّمر فلما نزل تحريمها خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فقعد بالمسجد ثمّ دعا بآنيتهم التي كانوا ينبذون فيها فكفأها (١) كلها وقال هذه كلها خمر فقد حَرَّمها الله فكان أكثر شيء كفى في ذلك يومئذ من الأشربة الفضيخ ولا أعلم كفى يومئِذ من خمر العنب شيء الّا إناء واحد كان فيه زبيب وتمر جميعاً فأمّا عصير العنب لم يكن يومئِذ بالمدينة منه شيء حرّم الله الخمر قليلها وكثيرها وبيعها وشرائها والانتفاع بها وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : من شرب الخمر فاجلدوه فان عاد فاجلدوه فان عاد فاجلدوه فان عاد في الرابعة فاقتلوه وقال : حقّ على الله أن يسقى من شرب الخمر ممّا يخرج من فروج الموسمات المومسات والمومسات الزّواني يخرج من فروجهن صديد والصديد قيح ودم غليظ مختلط يؤذي أهل النار حرّه ونتنه وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم : من شَرِبَ الخمر لم تقبل منه صلاة أربعين ليلة فان عاد فأربعين ليلة من يوم شربها فان مات في تلك الأربعين من غير توبة سقاه الله يوم القيامة من طينة خبال (الخبال الفساد) وسمّي المسجد الذي قعد فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يوم أكفيت الأشربة مسجد الفضيخ من يومئِذ لأنّه كان أكثر شيء اكفأ من الأشربة الفضيخ فأما الْمَيْسِرُ فالنّرد والشطرنج وكل قمار ميسر وأما الْأَنْصابُ فالأوثان التي كان يعبدهَا المشركون وأما الْأَزْلامُ فالقداح التي كانت يستقسم بها مشركو العرب في الأمور في الجاهلية كل هذا بيعه وشراؤه والانتفاع بشيء من هذا حرام من الله محرّم وهو رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ وقرن الله الخمر والميسر مع الأوثان.
وفي الخصال عن الباقر : لعن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في الخمر عشرة غارسها وحارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمول إليه وبايعها ومشتريها وآكل ثمنها.
(٩١) إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ قيل انما خصّ الخمر والميسر
__________________
(١) كفأه كمنعه صَرَفه وكتبه وقلّبه كأكفأه واكتفاه.