باعادة الذكر وشرح ما فيهما من الوبال تنبيهاً على أنهما المقصود من البيان وذكر الأنصاب والأزلام للدلالة على أنهما مثلهما في الحرمة والشرارة كقول النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم : شارب الخمر كعابد الوثن وخصّ الصّلوة من الذكر بالافراد للتعظيم والإِشعار بأن الصاد عنها كالصادّ عن الإِيمان من حيث أنّها عماده والفارق بينه وبين الكفر ثمّ أعاد الحثّ على الانتهاءِ بصيغة الاستفهام مرتباً على ما تقدم من أنواع الصوارف إيذاناً بأنّ الأمر في المنع والتحذير بلغ الغاية وان الأعذار قد انقطعت.
(٩٢) وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا عمّا نهيا عنه أو عن مخالفتهما فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ في الكافي عن الصادق عليه السلام : في هذه الآية أما والله ما هلك من كان قبلكم وما هلك من هلك حتّى يقوم قائمنا إلّا في ترك ولايتنا وجحود حقنا وما خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم من الدنيا حتّى الزم رقاب هذه الأمّة حقنا وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.
(٩٣) لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا من المستلذات أكلاً كان أو شرباً فان الطعم يعمّهما.
في المجمع في تفسير أهل البيت عليهم السلام : فِيما طَعِمُوا من الحلال إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ القمّيّ : لما نزل تحريم الخمر والميسر والتشديد في أمرهما قال الناس من المهاجرين والأنصار يا رسول الله قتل أصحابنا وهم يشربون الخمر وقد سمّاه الله تعالى رجساً وجعلها من عمل الشيطان وقد قلت ما قلت أفيضرّ أصحابنا ذلك شيئاً بعد ما ماتوا فأنزل الله هذه الآية فهذا لمن مات أو قتل قبل تحريم الخمر والجناح هو الإثم وهو على من شربها بعد التحريم وقيل فِيما طَعِمُوا أي ممّا لم يحرم عليهم إِذا مَا اتَّقَوْا أي المحرم وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أي ثبتوا على الإِيمان والأعمال الصالحات ثُمَّ اتَّقَوْا أي ما حرم عليهم بعد كالخمر وَآمَنُوا بتحريمه ثُمَّ اتَّقَوْا أي استمرّوا وثبتوا على اتّقاءِ المعاصي وَأَحْسَنُوا أي وتحرّوا الأعمال الجميلة واشتغلوا بها.
أقول : لما كان لكل من الإِيمان والتقوى درجات ومنازل كما ورد عنهم عليهم السلام لم يبعد أن يكون تكريرهما في الآية إشارة إلى تلك الدرجات والمنازل ففي