والقمّيّ قال : اصلحُوا أنفسكم ولا تتّبعوا عورات النّاس ولا تذكروهم فانّه لا يضرّكم ضلالتهم إذا كنتم صالحين.
وفي المجمع : أنّ أبا ثعلبة سأل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم عن هذه الآية فقال ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر فإذا رأيت دنيا مؤثرة وشحّاً مطاعاً وهوى متّبعاً وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه فعليك بخويصّة (١) نفسك وذر عوامهم إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وعد ووعيدٌ للفريقين على أنّ أحداً لا يؤاخذ بذنب غيره.
(١٠٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ الأشهاد الذي شرع بينكم فيما أمرتم به إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إذا شارفه وحضرت أماراته حِينَ الْوَصِيَّةِ قيل فيه تنبيه على أنّ الوصيّة ممّا لا ينبغي أن يتهاون فيه اثْنانِ شهادة اثنين ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ من المسلمين أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ من أهل الكتاب والمجوسُ كما يأتي إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ سافرتم فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ قاربكم الأجل تَحْبِسُونَهُما تقفونهما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ لتغليظ اليمين بشرف الوقت ولأنّه وقت اجتماع الناس فَيُقْسِمانِ بِاللهِ أي الآخران إِنِ ارْتَبْتُمْ (٢) ارتاب الوارث منكم وهو اعتراض لا نَشْتَرِي بِهِ بالقسم أو بِاللهِ ثَمَناً عوضاً من الدُّنيا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى أي ولو كان المقسم له ذا قربى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ الّتي أمر الله بإقامتها إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ أي إن كتمنا.
(١٠٧) فَإِنْ عُثِرَ فان اطّلع وحصل العلم عَلى أَنَّهُمَا أي الآخرين اسْتَحَقَّا إِثْماً استوجبا عقوبته بسبب تحريف في الشهادة أو خيانة فَآخَرانِ فشاهدان آخران يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ أي الذين حقّ عليهم يعني بهم الورثة الْأَوْلَيانِ الأحقّان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما وقرء عليهم اسْتَحَقَّ على البناء للفاعل والأوّلين بالجمع على أنّه صفة للذين فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما أي يميننا أصدق
__________________
(١) الخويصة تصغير الخاصّة ياؤها ساكنة لأنّ ياء التّصغير لا يتحرّك.
(٢) أي إِنِ ارْتَبْتُمْ اعتراض والضّمير في بِهِ للقسم وفي كانَ للمقسم له يعني لا نستبدل بصحة القسم بالله عرضاً من الدّنيا ولو كان من نقسم له قريباً منّا أراد أنّ هذه عادتهم في صدقهم وأمانتهم أبداً كقوله شُهَداءَ لِلَّهِ ولو على أنفسكم وخصّ ذا قُرْبى بالذكر لأن الميل إليهم اتمّ والمداهنة بينهم أكمل قاله النيسابوريّ.