أهل الكتاب فقالت قريش هذا والله يعلّم محمّداً صلَّى الله عليه وآله وسلم علّمه بلسانه.
(١٠٤) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يصدِّقون أنّها من عند الله لا يَهْدِيهِمُ اللهُ لا يلطف بهم ويخذلهم وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ في الآخرة.
(١٠٥) إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لأنّهم لا يخافونَ عقاباً يردعهم عنه هذا ردّ لقولهم إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ يعني إنّما يليق افتراء الكذب لمن لا يؤمن بالله لأنّ الإِيمان يمنع الكذب وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ.
(١٠٦) مَنْ كَفَرَ بِاللهِ (١) مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ لم تتغيّر عقيدته وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً اعتقده وطاب به نفساً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ إذ لا جرم أعظم من جرمه.
القمّيّ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ فهو عمّار بن ياسر أخذته قريش بمكّة فعذّبوه بالنّار حتّى أعطاهم بلسانه ما أرادوا وقلبه مطمئن بالإِيمان وقوله وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن لؤيّ قال وكان عاملاً لعثمان بن عفّان على مصر.
أقول : قصّة عمّار على ما روته المفسّرون في شأن نزول هذه الآية : أنّ قريشاً أكرهوه وأبويه ياسر وسميّة على الارتداد فأبى أبواه فقتلوهما وهما أوّل قتيلين في الإِسلام وأعطاهم عمّار بلسانه ما أرادوا مكرهاً فقيل يا رسول الله إنّ عمّار كفر فقال كلّا إنّ عمّار أملئ إيماناً من قرنه إلى مقدمه واختلط الإِيمان بلحمه ودمه فأتى عمّار رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وهو يبكي فجعل النّبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلم يمسح بعينيه وقال ما لك إن عادوا لك فعد لهم بما قلت.
وفي الكافي : قيل للصادق عليه السلام إنّ النّاس يروون أنّ عليّاً عليه السلام
__________________
(١) قال الزجّاج قوله مَنْ كَفَرَ بِاللهِ في موضع رفع على البدل من الكاذبين ولا يجوز أن يكون رفعاً بالابتداء لأنّه لا خبر هاهنا للابتداء فانّ قوله مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ليس بكلام تامّ وقوله فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ خبر قوله مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً وقال الكوفيّون مَنْ كَفَرَ شرط وجوابه يدلّ عليه جواب مَنْ شَرَحَ فكأنّه قيل من كفر فعليه غضب من الله م ن.