طعامهم وما كانوا جاءوا به فِي رِحالِهِمْ في أوعيتهم وانّما فعل ذلك توسيعاً وتفضّلاً عليهم وترفعاً من أن يأخذ ثمن الطعام منهم وخوفاً من أن لا يكون عند أبيه ما يرجعون به لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها لعلّهم يعرفون حقّ ردّها والتكرم بإعطاء بدلين إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ وفتحوا أوعيتهم لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ لعلّ معرفتهم ذلك تدعوهم إلى الرّجوع.
(٦٣) فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ أرادوا قول يوسف فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي لأنّه إذا أعلمهم بمنع الكيل إذ لم يذهبوا بنيامين فقد منعهم الكيل حينئذ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ نرفع المانع من كيل ما نحتاج إليه من الطعام وقرئ يكتل بالياءِ أي يكتل أخونا لينضمّ اكتياله إلى اكتيالنا وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ عن أن يناله مكروه.
(٦٤) قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ أي لا آمنكم عليه إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ يوسف مِنْ قَبْلُ وقد قلتم فيه إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ثمّ لم تفوا بضمانكم فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً فأتوكل على الله وأفوّض أمري إليه وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ يرحم ضعفي وكبر سنّي فيحفظه ويردّه عليّ ولا يجمع عليّ مصيبتين.
في المجمع في الخبر : أنّ الله سبحانه قال فبعزّتي لأردّنهما إليك بعد ما توّكلت عليّ.
(٦٥) وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ أي أوعية متاعهم وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي ما ذا نطلب هل من مزيد على ذلك أكرمنا وأحسن مثوانا وباع منّا وردّ علينا متاعنا والمعنى لا نطلب وراء ذلك إحساناً أو ما نريد منك بضاعة أخرى هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا فنستظهر بها ونمير أهلنا بالرجوع إلى الملك وَنَحْفَظُ أَخانا عن المخاوف في ذهابنا وإيابنا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ وسق بعير باستصحاب أخينا ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ أي مكيل قليل لا يكفينا استقلّوا ما كيل لهم فأرادوا أن يزدادوا إليه ما يكال لأخيهم أو أرادوا أنّ كيل بعير يسير لا يضايقنا فيه الملك.
(٦٦) قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ إذ رأيت منكم ما رأيت حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ