استطالة توجبها الرياح المختلفة إذا تهابّت (١) وغلب منها واحد فامتد (٢) وحبس المغلوب فى قعر الأرض. وفى أكثر (٣) الأوقات فقد يتبع سكون الزلزلة ريح تهب ، لأن السبب ينفصل ويخرج إلى خارج. وكثيرا ما يكون فى وقت الزلازل غمامات راكدة فى الجو ، ويكون الجو ضبابيا ، وذلك لفقدان الرياح فى ذلك الوقت. وربما حدثت الزلزلة بعد اختلاف رياح متمانعة يمنع بعضها بعضا عن الهبوب وتمنع موادها عن التخلص والبروز من الأرض ، فتحقنها قسرا فى الأرض. وذلك (٤) يكون فى الأكثر ليلا لتخصيف (٥) البرد وجه الأرض ، وبالغدوات أيضا وقد يكون فى أنصاف النهار بسبب شدة جذب الحر (٦) للبخار (٧) ، مع تجفيف وجه الأرض وإعادة البرد إلى داخلها على سبيل التعاقب.
وأكثر ما تكون الزلزلة فى بلاد متخلخلة غور الأرض ، متكاثفة وجهها ، أو مغمورة الوجه بماء (٨) يجرى ، أو ماء غمر كثير لا يقدر (٩) الريح على خرقه. وخصوصا إذا كان متحركا ، فإن المتحرك أشد ممانعة لأنه يسبق بحركته خرق الخارق إياه ، بل أسباب كثرة الزلازل ثلاثة : أحدها هذا ، والثاني عظم (١٠) الريح ، والثالث كثرة تولدها.
وقلما تكون الزلزلة فى الشتاء ، لشدة إجماد برده للبخار الدخانى. فإن عرض دل على أن رطوبة ذلك الشتاء أشد من برودته ، فيولد ببلته (١١) وقلة برده بخارا كثيرا. وقلما تعرض الزلزلة أيضا فى الصيف ، لشدة تحليله ، فإن حدثت فى الصيف ، دلت على أن السنة يابسة فيكثف (١٢) وجه الأرض باليبس ، وتخصف مسامها فتحتبس فيها (١٣) الرياح ولا تخرج ، حتى تجتمع لها مادة كثيرة تقوى على الزلازل ؛ وأكثر ما يكون ، (١٤) يكون ربيعا وخريفا.
والكسوفات ربما كانت سببا للزلازل ، لفقدان الحرارة الكائنة عن الشعاع دفعة ؛ ويعقب البرد الحاقن للرياح فى تجاويف (١٥) الأرض بالتخصيف بغتة. والبرد الذي يعرض دفعة يفعل
__________________
(١) تهابت : هابت ط
(٢) فامتد : ومد د ، سا
(٣) أكثر : بعض سا ؛ كثير ط
(٤) وذلك : ولذلك د ، سا ، ط ، م
(٥) لتخصيف : ليحصف م
(٦) الحرّ : الجو سا (٧) للبخار : البخار ب.
(٨) ماء : بماء ط (٩) لا يقدر : ولا يقدر ط.
(١٠) عظم : عظيم م.
(١١) ببلته : ببله سا.
(١٢) فيكثف : فيتكثف م.
(١٣) فيها : فيه ط ؛ منه م.
(١٤) ما يكون يكون : ما يكون ط ، م.
(١٥) تجاويف : نخاريب م.