وإن كان ما يحكى (١) من تحجر حيوانات (٢) ونبات صحيحا ، فالسبب فيه شدة قوة معدنية محجّرة تحدث فى بعض البقاع الحجرية ، أو تنفصل دفعة من الأرض فى الزلازل (٣) والخسوف ، فتحجر ما تلقاه. فإنه ليس استحالة الأجسام النباتية والحيوانية إلى الحجرية ، أبعد من استحالة المياه ، ولا من الممتنع فى المركبات أن تغلب عليها قوة عنصر واحد يستحيل إليه. لأن كل واحد من العناصر التي فيها ، (٤) مما ليس من جنس ذلك العنصر ، من شأنه (٥) أن يستحيل إلى ذلك العنصر ، ولهذا (٦) ما تستحيل الأجسام الواقعة فى الملاحات إلى الملح ، والأجسام الواقعة فى الحريق إلى النار.
وأما السرعة والإبطاء فى الاستحالة ، فأمر يجوز أن يختلف أيضا بحسب القوى المختلفة ؛ فإن كانت شديدة جدا أحالت (٧) فى زمان يسير. (٨) وفى (٩) بلاد العرب حرة كل من يسكنها ، وأى جسم يقع فيها ، يتلون بلونها. وقد رأيت رغيفا على صورة الأرغفة المحرقة ، المرققة الوسط ، المرقومة بالسباع ؛ قد تحجر ، ولونه باق ، وأحد وجهيه عليه (١٠) أثر التخطيط الذي يكون فى التنور. وجدته (١١) ملقى فى جبل (١٢) قريب من بلدة (١٣) من بلاد خراسان تسمى جاجرم ، وحملنه معى مدة. وهذه الأشياء إنما تستغرب لقلة وقوعها ، وأما أسبابها فى الطبيعة فظاهرة موجودة. وقد تتكون أنواع من الحجارة من النار إذا أطفئت. (١٤)
وكثيرا ما يحدث فى الصواعق أجسام حديدية وحجرية ، بسبب ما يعرض للنارية أن تطفأ (١٥) فتصير باردة يابسة. وقد يقع فى بلاد الترك فى الصواعق والبروق أجسام نحاسية على هيئة نصول السهام ، لها زائدة منعطفة إلى فوق ؛ وتقع مثلها فى بلاد الجبل والديلم وإذا وقعت غارت فى الأرض ويكون جوهر جميع ذلك جوهرا (١٦) نحاسيا يابسا وقد تكلفت إذابة نصل من ذلك بخوارزم فلم يذب ، ولم يزل يتحلل منه دخان ملون يضرب إلى الخضرة حتى بقى منه جوهر رمادى. وقد صح عندى بالتواتر ما كان ببلاد جوزجان ، فى زماننا الذي أدركناه ،
__________________
(١) يحكى : يتحكى م (٢) حيوانات : حيوان ط
(٣) الزلازل : الزلازل م. (٤) فيها : فيه ب ؛ قبلها ط
(٥) من شأنه : فشأنه د : سا ، ط ، م.
(٦) ولهذا : ولذلك ط ، م
(٧) أحالت : حالت سا ، م
(٨) يسير : يسيرة م
(٩) وفى : فى م
(١٠) عليه : على م.
(١١) وجدته : ووجدته ط
(١٢) جبل : جل ط (١٣) من بلدة : ساقطة من م.
(١٤) أطفئت : طفئت ط ؛ طفيت م
(١٥) تطفأ : تنطفى سا ؛ تطفى م
(١٦) جوهرا : ساقطة من ب.