بالعرض ، فأن يعرض لبعض الأجزاء من الأرض انحفار دون بعض ، بأن تكون رياح نسافة (١) أو مياه حفارة تتفق لها حركة على جزء من الأرض دون جزء ، فيتحفر (٢) ما تسيل عليه ويبقى ما لا تسيل عليه رابيا. ثم لا تزال السيول تغوص فى الحفر الأول (٣) إلى أن تغور (٤) غورا شديدا ، ويبقى ما انحرف عنه شاهقا. وهذا كالمتحقق من أمور الجبال وما بينها من الحفور والمسالك.
وربما كان الماء أو الريح (٥) متفق الفيضان ، إلا أن أجزاء الأرض تكون مختلفة ، فيكون بعضها لينة وبعضها حجرية ، فينحفر الترابى اللين ، ويبقى الحجرى مرتفعا. ثم لا يزال ذلك المسيل ينحفر (٦) وينحفر (٧) على الأيام (٨) ، ويتسع ، ويبقى النتوء ، وكلما انحفر عنه الأرض كان شهوقه (٩) أكثر.
فهذه هى الأسباب الأكثرية لهذه الأحوال الثلاثة. فالجبال تكونها من أحد أسباب تكون الحجارة ، والغالب أن تكونها من طين لزج جف على طول الزمان ، تحجر فى مدد لا تضبط ، فيشبه أن تكون هذه المعمورة قد كانت فى سالف الأيام غير معمورة ؛ بل مغمورة فى البحار ، فتحجرت ، إما بعد الانكشاف قليلا قليلا فى مدد لا تفى التأريخات بحفظ أطرافها ، وإما تحت المياه لشدة الحرارة (١٠) المحتقنة (١١) تحت البحر (١٢). والأولى (١٣) أن يكون بعد الانكشاف ، وأن تكون طينتها (١٤) تعينها على التحجر ، إذ (١٥) تكون طينتها لزجة. ولهذا ما يوجد فى كثير من الأحجار ، إذا كسرت أجزاء الحيوانات المائية كالأصداف وغيرها. ولا يبعد أن تكون القوة المعدنية قد تولدت هناك ، فأعانت (١٦) أيضا ؛ وأن تكون مياه قد استحالت أيضا حجارة ؛ لكن الأولى أن يكون (١٧) تكوّن الجبال على هذه الجملة ، وكثرة (١٨) ما فيها من الحجر (١٩) لكثرة ما يشتمل عليه البحر من الطين ، ثم ينكشف عنه ؛ وارتفاعها لما حفرته السيول والرياح فيما بينها.
__________________
(١) نسافة : سافية ب ، نشافة ط.
(٢) فينحفر : فينحفر م
(٣) ثم : ساقطة من ب الأول : الأولى م.
(٤) تغور : تعود م (٥) أو الريح : والريح ط ، م ، + منطق ط
(٦) ينحفر : يحفر ب ؛ (٧) وينحفر ساقطة من ط
(٨) الأيام : الإتمام م (٩) شهوقه : سموقه د ، سا ، م ، سموه ط
(١٠) الحرارة : الحر ط (١١) المحتقنة : المحقنة سا
(١٢) البحر : الأرض د ، سا (١٣) والأولى : الأولى ط.
(١٤) طينتها : طينها (الأولى) ط
(١٥) إذ : أن ط.
(١٦) فأعانت : وأعانت ب.
(١٧) يكون : ساقطة من ب ، د ، سا
(١٨) وكثرة : وكثيرة م
(١٩) الحجر : الحجرية د ، سا ، ط ، م.