المصادر.
والذي يزيد هذا القول بطلانا أن هذه الحروف لم تنزل في كتاب سماوي سبق نزوله القرآن الكريم ، فهي مما تفرد به هذا القرآن الكريم.
ولو كانت معروفة عند اليهود ـ كما زعم نولديكه ـ لما سكت عن ذلك اليهود ولكشفوا هذه السرقات من كتبهم. كما أن هذه الحروف كان نزولها في مكة قبل اختلاط المسلمين باليهود (١).
إلا إذا قصد «نولديكه» ما كان معروفا عند اليهود «بحساب الجمل» بأن يحولوا الحروف العربية لأرقام حسابية والذي تأثر به بعض المفسرين المسلمين الذين تأثروا بالثقافة اليهودية فهذا قول باطل على كل من قال به. وقد رده كثير من المفسرين والعلماء من المسلمين. والمعروف أن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ كانوا شديدي الحرص على كتاب الله سبحانه فلا يسمحوا بدخول شيء إليه من اليهودية أو غيرها ولا بنقصان شيء منه.
أما ما ذكره «أدوارد جوستر» أن هذه الحروف اختصارات لعناوين سور لم تعد تستعمل اليوم فهذا القول ليس جديدا بل هو لزيد بن أسلم كما ذكره عنه أبو حيان في تفسيره (٢). وهو قول قرره أكثر المتكلمين فهو اختيار الخليل ١٧٥ ه وسيبويه ١٨٠ ه. حتى إنه عقد له سيبويه بابا لأسماء السور ، وقال به يونس ١٨٧ ه ، وذهب إليه أبو عبيدة وابن قتيبة ٢٧٦ ه والرازي ودافع عنه وذكره ابن جرير ٣١٠ ه ورأى أن من اعتبرها أسماء للسور مصيب وذلك لأنه يجوز التسمية بالكلمة الواحدة وبالجملة وبالبيت من الشعر.
وقال ابن قتيبة : فإن كانت أسماء للسور فهي أعلام تدل على ما تدل عليه الأسماء من أعيان الأشياء ، وتفرق بينها فإذا قال : قرأت (المص) دل على ما قرأ.
__________________
(١) المدخل لدراسة القرآن الكريم ص ٢٥٠.
(٢) انظر المحرر الوجيز ١ / ٩٥ ، وتفسير البحر المحيط ١ / ٣٤.