ولم بق سوى العدوا |
|
ن دناهم كما دانو (١) |
فإن قلت : ما هذه الإضافة؟ قلت : هي إضافة اسم الفاعل إلى الظرف على طريق الاتساع ، مجرى المفعول به كقولهم : يا سارق الليلة أهل الدار ، والمعنى على الظرفية. ومعناه : مالك الأمر كله في يوم الدين ، كقوله : (لمن الملك اليوم). فإن قلت : فإضافة اسم الفاعل إضافة غير حقيقية إذا أريد باسم الفاعل الحال أو الاستقبال ، فكان في تقدير الانفصال ، كقولك : مالك الساعة ، أو غدا. فأمّا إذ قصد معنى الماضي ، كقولك : هو مالك عبده أمس ، أو زمان مستمرّ ، كقولك : زيد مالك العبيد ، كانت الإضافة حقيقية ، كقولك : مولى العبيد ، وهذا هو المعنى في (مالك يوم الدين) ، ويجوز أن يكون المعنى ، مالك الأمور يوم الدين ، كقوله : (ونادى أصحاب الجنة) ، و (نادى أصحاب الأعراف) ، والدليل عليه قراءة أبي حنيفة : (مالك يوم الدين) ، وهذا الأوصاف التي أجريت على الله سبحانه ـ من كونه ربا مالكا للعالمين لا يخرج منهم شيء من ملكوته وربويته ، ومن كونه منعما بالنعم كلها الظاهرة والباطنة والجلائل والدقائق ، ومن كونه مالكا للأمر كله في العاقبة يوم الثواب والعقاب بعد الدلالة
__________________
(١) صفحنا عن بني ذمل |
|
وقلنا القوم إخوان |
فلما صرح الشر |
|
فأمسى وهو عريان |
ولم يبق سوى العدو |
|
ن دناهم كما دانوا |
لشهل بن شيبان بن ربيعة. وليس في العرب شهل بالمعجمة غيره هو وشهل بن أنمار بن أراش. يقول : صفحنا عن بني ذهل رحمة بهم لعلهم يرجعون ، فلما ظهر الشر بيننا وبالغ في الظهور حتى كأنه وجل عريان عن ثيابه ، فشبه الشر بانسان على طريق المكنية وأثبت له العرى تخييلا. ويروى : هو هو غرثان ، أي : جائع ، فهو على التشبيه أيضا. وقيل أراد بالشر : السيف ، وعريه : تجرده عن غمده. وزيدت الواو قبل الجملة الواقعة خير لأمسى لتأكيد الربط ، تشبيها لها بالجملة الواقعة حالا ، ولم يبق بيننا سوى عدوان بعضنا على بعض ، أو سوى عدوانهم علينا جازيناهم كما ظلمونا ، وسمى الثاني دينا مشاكله ، وهي مجاز لعلاقة المجاورة وقسم برأسه خلاف بين القوم ، ومذهب الجمهور أن سوى لا تخرج عن النصب على الظرفية المكانية إلا في الضرورة كما هنا ، ومذهب ابن مالك كالزجاجي أنها بمعنى غير فتصرف في الاختيار ، كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «سألت الله أن لا يسلط على أمتي عدوا من سوى أنفسها» وقول بعض العرب : أتاني سواك ، أى : غيرك ، وصرح صراحا بالتحريك : خلص خلوما وظهر ، وصرح تصريحا : خلص تخليصا وأظهر ، فما هنا من الأولى. ويروى بدل الشطر الثاني : بدا والشر عريان ، وفيه إظهار الشعر في مقام الاضمار ، و «بدا» بدل من صرح ، وفيه تبين وتفسير لمعناه ، وأما جواب «لما» فهو قوله : دناهم كما دانوا.