المبيت والنفقة ، والإجمال في القول (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَ) فلا تفارقوهن لكراهة الأنفس وحدها فربما كرهت النفس ما هو أصلح في الدين وأحمد وأدنى إلى الخير ، وأحبت ما هو بضد ذلك ، ولكن للنظر في أسباب الصلاح.
(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً)(٢١)
وكان الرجل إذا طمحت عينه (١) إلى استطراف امرأة؟ بهت التي تحته ورماها (٢) بفاحشة حتى يلجئها إلى الافتداء منه بما أعطاها ليصرفه إلى تزوّج غيرها. فقيل : (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ) الآية. والقنطار : المال العظيم ، من قنطرت الشيء إذا رفعته. ومنه القنطرة ، لأنها بناء مشيد. قال :
كَقَنْطَرَةِ الرُّومِىِّ أقْسَمَ رَبُّهَا |
|
لَتُكْتَنَفَنْ حَتَّي تُشَادَ بِقِرْمِدِ (٣) |
وعن عمر رضى الله عنه أنه قام خطيباً فقال : أيها الناس ، لا تغالوا بصدق النساء (٤) ، فلو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما أصدق امرأة من نسائه أكثر من اثنى عشر أوقية ، فقامت إليه امرأة فقالت له : يا أمير المؤمنين ، لِمَ تمنعنا حقا جعله الله لنا والله يقول (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) فقال عمر : كل أحد أعلم من عمر ثم قال لأصحابه : تسمعوننى أقول مثل هذا القول فلا تنكرونه علىّ حتى تردّ علىّ امرأة ليست من أعلم النساء (٥). والبهتان : أن تستقبل الرجل بأمر قبيح تقذفه به وهو بريء منه ، لأنه يبهت
__________________
(١) قوله «إذا طمحت عينه» أى ارتفعت إلى استحسان امرأة للتمتع بها بدل امرأته. أفاده الصحاح. (ع)
(٢) قوله «ورماها» أى بما ليس فيها كما يؤخذ مما يأتى. (ع)
(٣) لطرفة بن العبد من معلقته يشبه ناقته بقنطرة الرجل الرومي. أو النهر الرومي ، وهو أنسب بلام العهد وبذكر الاسم الظاهر بعده. وأقسم : جملة حالية ، أى : حلف لا تحاط بالقرمد ، أى الجبس ، حتى تشاد وترفع بالآجر ، أو ليحيط بها الفعلة حتى ترفع بالجبس. وتكتنفن : مضارع مبنى المجهول مؤكد بالنون.
(٤) قوله «لا تغالوا بصدق النساء» جمع صداق ، كسحب جمع سحاب. (ع)
(٥) أخرجه أصحاب السنن وابن حبان والحاكم وأحمد والدارمي وابن أبى شيبة والطبراني كلهم من طريق محمد ابن سيرين عن أبى العجفاء قال خطبنا عمر فذكره دون ما في آخره. وأخرجه الحاكم من أوجه أخرى عن عمر كذلك. وذكر الدارقطني في العلل لهذا الحديث اختلافا كثيراً ، ورواه عبد الرزاق من الوجه الأول وزاد فيه : فقامت امرأة فقالت له ليس ذلك لك يا عمر ، وإن الله يقول (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) الآية. فقال إن امرأة خاصمت عمر فخصمته ، وأخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة شريح من طريق أشعث بن سوار عن الشعبي عن شريح قال قال عمر ... فذكره بلفظ السنن واستغربه من هذا الوجه. وأخرجه إسحاق من رواية عطاء الخراساني عن عمر ، وهو منقطع وزاد فيه «ثم إن عمر خطب أم كلثوم ـ أى بنت على وأصدقها أربعين ألفا» وروى أبو يعلى من طريق ابن إسحاق. حدثني ـ