لتبيينه. أو يقدّر ما كنتم تخفون ، وحذفه لتقدّم ذكره. أو لا يقدر ويكون المعنى. يبذل لكم البيان ، ومحله النصب على الحال ، أى مبيناً لكم. و (عَلى فَتْرَةٍ) متعلق بجاءكم ، أى جاءكم على حين فتور من إرسال الرسل وانقطاع من الوحى (أَنْ تَقُولُوا) كراهة أن تقولوا (فَقَدْ جاءَكُمْ) متعلق بمحذوف ، أى لا تعتذروا فقد جاءكم. وقيل : كان بين عيسى ومحمد صلوات الله عليهما خمسمائة وستون سنة. وقيل : ستمائة. وقيل : أربعمائة ونيف وستون. وعن الكلبي : كان بين موسى وعيسى ألف وسبعمائة سنة وألف نبى وبين عيسى ومحمد صلوات الله عليهم أربعة أنبياء. ثلاث من بنى إسرائيل ، وواحد من العرب : خالد بن سنان العبسي. والمعنى : الامتنان عليهم ، وأن الرسول بعث إليهم حين انطمست آثار الوحى أحوج ما يكون إليه ، ليهشوا إليه ويعدّوه أعظم نعمة من الله ، وفتح باب إلى الرحمة ، وتلزمهم الحجة فلا يعتلوا غداً بأنه لم يرسل إليهم من ينبههم عن غفلتهم.
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (٢٠) يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (٢١) قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ (٢٢) قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٣) قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (٢٤))
(جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ) لأنه لم يبعث في أمّة ما بعث في بنى إسرائيل من الأنبياء (١) (وَجَعَلَكُمْ
__________________
(١) قال محمود : «لم يبعث في أمة ما بعث في بنى إسرائيل من الأنبياء ... الخ» قال أحمد : والحامل على تفسير الملك بهذه التفاسير أن الله تعالى أنبأ في ظاهر الكلام أنه جعل الجميع ملوكا بقوله : (وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) ولم يقل (وجعل فيكم ملوكا) كما قال : (جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ) فلما عمم الملك فيهم ، ولا شك أن الملك ـ المعهود هو الاستيلاء العام ـ لم يثبت لكل أحد منهم ، فيتعين حمل الملك على ما كان ثابتا لجميعهم أو لأكثرهم من الأبعاض المذكورة. هذا هو الباعث على تفسير الملك بذلك ، والله أعلم. وهذا المعنى وإن لم يثبت لكل واحد منهم إلا أنه كان ثابتا