واعلم أنه لا تغيير في ذلك إلا حصول الإسم ، وإذا حصل كفى ... والمعتبر أن يجرى عليه من الماء ما يزيد قدر المسح. فلو مسح المغسول لم يجز ، فإن الله تعالى فرق بينهما ، وليس في المسح غسل. نعم إذا غسل الممسوح ، جاز المأمور به وزيادة.
ثم قوله : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) ، ليس يقتضي نية العبادة.
نعم قال تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا).
وظن ظانون من أصحاب الشافعي الذين يوجبون النية في الوضوء أنه لما أوجب الوضوء عند القيام إلى الصلاة ، دل على أنه أوجبه لأجله وأثبته بسببه ، وأنه أوجب له قصد النية.
وهذا ليس بصحيح ، فإن إيجاب الله تعالى عليه الوضوء لأجل الحدث ، لا يدل على أنه يجب عليه أن ينوي ذلك ، بل يجوز أن يجب لأجله ، ويحصل دون قصد تعليق الطهارة بالصلاة ، ونيتها لأجلها.
وقيل لهم : لما قال الله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) ، أوجب فعل الغسل ، فكانت النية شرطا في صحة الفعل ، لأن الفرض من قبل الله تعالى ، فينبغي أن يجب فعل ما أمره الله تعالى به.
فإذا نحن قلنا : إن النية لا تجب عليه ، لم يجب عليه الفعل : أي فعل ما أمره الله تعالى.
ومعلوم أن الذي اغتسل تبردا أو لغرض آخر ، ما قصد أداء الواجب ، والذي وجب عليه فعله لا يحصل دون قصده.
فإن قيل : قد يجب عليه أشياء عدة ، وتحصل دون النية ، مثل رد الغصوب والودائع وإزالة الأنجاس.
فيقال : كل ذلك لا يجب عليه فيه فعل ، وإنما ينهى عن استدامة