عن الكِفاية بحسب الكَمّيّة لكنّه غير كافٍ بحسب الكيفيّة. وبيان ذلك أنّ الرُّطوبة الغَريزيّة الأصليّة انّما تخمَّرت ونَضجت فى أوعية الغِذاء أوّلاً ثمّ فى أوعية المنىّ ثانيا ثمّ فى الأرحام ثالثاً. والتى تُوردها الغاذية لم تتخمَّر ولم تَنْضَجْ الّا فى الأولى دون الأخيرَين فلم يكمل امتزاجها ولم تَصِلْ الى مرتبة المُبْدَل عنها فلمْ تَقُمْ مقامها كما يجب بل صارت قوّتها أنقص من قوة الأولى كَمَنْ أَنْفَق زَيْتَ سِراجٍ وأَوْرَى بدله ماءً ، فما دامت الكيفيّة الأولى الأصليّة غالبةً فى الممتزِج على الثّانى المكتسَب ، كانت الحرارة الغريزيّة فى زيادة الاشتغال مُوْرِدَة أكثر ممّا يتحلّل فينمو الممتزِج ، ثم اذا صارتْ مَكْسُورة السَّورة لظهور الكيفيّة الثّانية وقفت الحرارة الغريزيّة وما قَدرت على أنْ تُوْرِد أكثر ممّا يتحلّل. واذا غَلَبَت الثّانية انحطّ الممتزج وضعفت الحرارة جدّا فيقع الموت ضرورةً.
فظهر من ذلك أنّ الرّطوبة الغريزيّة الأصليّة من أوّل تكوُّنها آخذة فى النُّقصان بحسب الكيفيّة وذلك هو السّبب الموجِب للفساد الممتزِج. ويُعْلَم منه أنّ الغاذية لو كانت غير مُتناهية وكانت دائمةَ الايراد لما كان البَدَل يقاوم المبدَل مِنْ حَيْثُ الكَيْف وانْ قاومَه من حيث الكَمّ.
والمُوَات : الموت. والمَوات : ما لا رُوْحَ فيه.
والمَوَتَان فى قولهم : "اشْتَرِ المَوَتَان ولا تَشْتَرِ الحَيوان" أى : اشترِ الأرض والدّار ولا تشترِ الرّقيق والحيوان. والمُوْتان : موت يقع فى الماشية ، والمُوَتان : الهواء الوَبائىّ وهذا المعنى هو المستعمل طبّا وجاء فى كلام أبقراط وغيره. فالمُوَتان : كلُّ وباء قتّال ، كالطاعون.
واعْلَمْ أنّ الموت من أربعة أشياء مقدَّرة فى عِلْمِ الله ، تعالَى :