للهواءِ لم تَحْصُلْ منه حالةٌ مَكروهةٌ ، ولولا ذلك لَلَزِمَ عُمومُ الآفةِ والموت لجميع الأبدان عند حُصول الوباء ، ولا شكّ أنّ الأمرَ بخِلافه.
وممّا يدلّ على الوَباء من الأشياء التى تجرَى مجرَى الأسباب أنْ تكثر الرُّجوم والشُّهُب فى أوائل الخريف ، واذا دام الجَنوب والتَّكدُّر أيّاماً ثمّ يصفو ، ثمّ يحدث بَرْدُ ليلٍ وحَرُّ نهارٍ مع سُكون الرِّيح فقد جاء الوباء. واذا لم يكن الصَّيف شديد الحرارة وكان شديد الكُدْرَة مُغَيِّراً للأشجار ، وكان قد سَلَفَ فى الخريف شُهُبٌ ونيران ونَيازك فهو علامة الوباء. واذا رأيتَ الهواء يتغيَّر فى اليوم الواحد مرّاتٍ كثيرةً ، ويصفو يوماً وتَطْلُع الشَّمسُ صافيةً فى يومٍ وتَنْكَدِرُ يوماً ، فاعْلَمْ بانّ وَباءً سيحدث.
وعِلاج أصحاب الحمَّى الوبائيّة بالفَصْد والاسهال بحسب المادَّة ويَجِب أنْ تُبَرَّد بيوتُهم وتُصْلَح أهْوِيَتُها.
أمّا تبريد بيوتِهم فبأنْ تحَفَّ بالرّياحين الباردة وأنْ تُرَشَّ مِراراً بالماء البارد ويحسُن الرّشّ بماء الورد ، وشَمّ ماء الورد بالخلّ. والصَّنْدَلُ جيّد. واستعمال أقراصِ الكافور والرُّبوب الباردة ، والماء المربَّب بماء الورد. وقليلُ الخلّ بالماء جيّد أيضا. واستعمالُ الماء البارد الكثير دَفْعَةً نافعٌ جدّاً.
وأمّا الماء القليل المتتابع فربّما هيَّج حرارةً. فانْ حصل بَرْد فى الأطرافِ وسَهَر وارتفاع الصَّدْرِ ونُزوله ، فلا بدّ من دِثار يجذب الحرارة الى الخارج. واذا سَقَطَت الشَّهوة فعليك بالغذاء الجيّد.
وأمّا اصلاح الهواء فهو امّا بحسَب الأصحّاء وامّا بحسَب المرضَى.
أمّا الأوّل بالغَرَضُ فيه تَطييبُ الهواءِ ومنعُ عُفونته بمثل العُوْدِ والعَنْبَر والمِسْك والقِسْط الحلو (٣) والمَيْعَة (٤) واللّادَن والمسطكِى والأشَنة والسَّعْد والاذْخِر