السلام أيضا وأن صيامه يعدل سنة مبرورة ، وكان ركوبه عليهالسلام ـ فيما روي عن قتادة ـ في عشر خلون من رجب.
وأخرج ابن جرير عن عبد العزيز بن عبد الغفور عن أبيه مرفوعا أنه عليهالسلام ركب في أول يوم من رجب فصام هو ومن معه وجرت بهم السفينة ستة أشهر فانتهى ذلك إلى المحرم فأرست السفينة على الجودي يوم عاشوراء فصام نوح عليهالسلام وأمر جميع من معه من الوحش والدواب فصاموا شكرا لله.
وفي بعض الآثار أنها طافت بهم الأرض كلها ولم تدخل الحرم لكنها طافت به أسبوعا وأن الحجر الأسود خبئ في جبل أبي قبيس وأن البيت رفع إلى السماء ، وفي رواية ابن عساكر عن مجاهد أنه لم يدخل الحرم من الماء شيء ، والظاهر على هذا أنه لا خبء كما أنه لا رفع ، وعندي أن رواية ثبوتهما جميعا مما لا تكاد تصح ، وبفرض صحتها لا يظهر لي سر رفع البيت بلا حجر وخبء الحجر بلا بيت بل عندي في رفع البيت مطلقا تردد ، وإن كنت ممن لا يتردد في أن الله تعالى على كل شيء قدير (وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي هلاكا لهم ، واللام صلة المصدر ، وقيل : متعلق بقيل وأن المعنى قيل لأجلهم بعدا وهو خلاف الظاهر ، والتعرض لوصف الظلم للإشعار بعليته للهلاك ولتذكير ما سبق في قوله سبحانه : (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) [هود : ٣٧] ولا يخفى ما في هذه الآية أيضا من الدلالة على عموم هلاك الكفرة. ويشهد لذلك آيات أخر وأخبار كثيرة بل فيها ما هو على علاته ظاهر في عموم هلاك من على الأرض ما عدا أهل السفينة فعن عبيد بن عمير أن فيمن أصاب الغرق امرأة معها صبي لها فوضعته على صدرها فلما بلغها الماء وضعته على منكبها فلما بلغها الماء وضعته على يديها فقال الله سبحانه : لو رحمت أحدا من أهل الأرض لرحمتها ولكن حق القول مني.
وزعم بعضهم أنه لم ينج أحد من الكفار سوى عوج بن عوق وكان الماء يصل إلى حجرته ، وسبب نجاته أن نوحا عليهالسلام احتاج إلى خشب ساج فلم يمكنه نقله فحمله عوج من الشام إليه عليهالسلام فنجاه الله تعالى من الغرق لذلك ، وظاهر كلام القاموس يقتضي نجاته ، فقد ذكر فيه عوج بن عوق ـ بضمهما ـ رجل ولد في منزل آدم عليهالسلام فعاش إلى زمن موسى عليهالسلام ، والحق أنه لم ينج أحد من الكفار أصلا ، وخبر عوج يرويه هيان بن بيان فلا تعج إلى القول به ولا يشكل إغراق الأطفال الذين لا ذنب لهم لما أنه مجرد سبب للموت بالنسبة إليهم وأي محذور في إماتة من لا ذنب له وفي كل وقت يميت الله سبحانه من ذلك ما لا يحصى وهو جل شأنه المالك الحق والمتصرف المطلق يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، ولا يحتاج في الجواب إلى ما أخرجه إسحاق بن بشر وابن عساكر عن عبد الله ابن زياد بن سمعان عن رجال سماهم أن الله تعالى أعقم رجالهم قبل الطوفان بأربعين عاما وأعقم نساءهم فلم يتوالدوا أربعين عاما منذ دعا نوح عليهالسلام حتى أدرك الصغير فبلغ الحنث وصارت لله تعالى عليهم الحجة ثم أنزل السماء عليهم بالطوفان إذ يبقى عليه مع ضعفه والتعارض بينه وبين الخبر السابق آنفا أمر إهلاك ما لم يكن في السفينة من الحيوانات وقد جاء عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه أن نوحا عليهالسلام لما حمل من حمل في السفينة رأت البهائم والوحش والسباع العذاب فجعلت تلحس قدمه عليهالسلام وتقول : احملنا معك فيقول : إنما أمرت أن أحمل من كل زوجين اثنين ولم يحملها وكذا لا يحتاج إلى الجواب بأن الله تعالى إنما أهلك أولئك الأطفال لعلمه جل شأنه بما كانوا فاعلين وذلك كما يقال في وجه إدخال أطفال الكفار النار يوم القيامة على قول من يراه لما أن فيه ما فيه ، وبالجملة إماتة الأحياء بأي سبب كان دفعة أو تدريجا مما لا محذور فيه ولا يسأل عنه.