ولذا إذا وصف به المثنى أو المجموع لم يطابق على المشهور ، وسمع فيه ضيوف ، وأضياف ، وضيفان ، (وَلا) ناهية ، والفعل مجزوم بحذف النون ، والموجودة نون الوقاية ، والياء محذوفة اكتفاء بالكسرة ، وقرئ بإثباتها على الأصل (أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) يهتدي إلى الحق الصريح ويرعوي عن الباطل القبيح ، وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس أنه قال : يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر ، وهو إما بمعنى ذو رشد أو بمعنى مرشد كالحكيم بمعنى المحكم ، والاستفهام للتعجب ، وحمله على الحقيقة لا يناسب المقام.
(قالُوا) معرضين عما نصحهم به من الأمر بالتقوى والنهي عن الإخزاء عن أول كلامه (لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍ) أي حق وهو واحد الحقوق ، وعنوا به قضاء الشهوة أي ما لنا حاجة في بناتك ، وقد يفسر بما يخالف الباطل أي ما لنا في بناتك نكاح حق لأنك لا ترى جواز نكاحنا للمسلمات ، وما هو إلا عرض سابري كذا قيل ، وهو ظاهر في أنه كان من شريعته عليهالسلام عدم حل نكاح الكافر المسلمة.
وقيل : إنما نفوا أن يكون لهم حق في بناته لأنهم كانوا قد خطبوهن فردهم وكان من سنتهم أن من رد في خطبة امرأة لم تحل له أبدا ، وقيل : إنهم لما اتخذوا إتيان الذكور مذهبا كان عندهم هو الحق وأن نكاح الإناث من الباطل فقالوا ما قالوا ، وقيل : قالوا ذلك لأن عادتهم كانت أن لا يتزوج الرجل منهم إلا واحدة وكانوا كلهم متزوجين (وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ) أي من إتيان الذكور ، والظاهر أن (ما) مفعول لتعلم ، وهو بمعنى تعرف ، وهي موصولة والعائد محذوف أي الذي نريده ، وقيل : إنها مصدرية فلا حذف أي إرادتنا.
وجوز أن تكون استفهامية وقعت مفعولا ـ لنريد ـ وهي حينئذ معلقة ـ لتعلم ـ ولما يئس عليهالسلام من ارعوائهم عما هم عليه من الغي (قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) أي لو ثبت أن لي قوة ملتبسة بكم بالمقاومة على دفعكم بنفسي لفعلت ـ فلو ـ شرطية وجوابها محذوف كما حذف في قوله سبحانه : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) [الرعد : ٣١] وجوز أن تكون للتمني ، و (بِكُمْ) حال من (قُوَّةً) كما هو المعروف في صفة النكرة إذا قدمت عليها ، وضعف تعلقه بها لأن معمول المصدر لا يتقدم عليه في المشهور ، وقوله : (أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) عطف على ما قبله بناء على ما علمت من معناه الذي يقتضيه مذهب المبرد ، والمضارع واقع موقع الماضي ، واستظهر ذلك أبو حيان ، وقال الحوفي : إنه عطف على ما تقدم باعتبار أن المراد أو أني آوي ، وجوز ذلك أبو البقاء ، وكذا جوز أن تكون الجملة مستأنفة ، و ـ الركن ـ في الأصل الناحية من البيت أو الجبل ، ويقال : ركن بضم الكاف ، وقد قرئ به ويجمع على أركان ، وأراد عليهالسلام به القوي شبهه بركن الجبل في شدته ومنعته أي أو أنضم إلى قوي أتمنع به عنكم وأنتصر به عليكم ، وقد عد رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذا القول منه عليهالسلام بادرة واستغربه ، فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «رحم الله تعالى أخي لوطا كان يأوي إلى ركن شديد» يعني عليه الصلاة والسلام به الله تعالى فإنه لا ركن أشد منه عزوجل.
إذا كان غير الله للمرء عدة |
|
أتته الرزايا من وجوه الفوائد |
وجاء أنه سبحانه ـ لهذه الكلمة ـ لم يبعث بعد لوط نبيا إلا في منعة من عشيرته ، وفي البحر أنه يجوز ـ على رأي الكوفيين ـ أن تكون (أَوْ) بمعنى بل ويكون عليهالسلام قد أضرب عن الجملة السابقة ، وقال : بل آوي في حالي معكم إلى ركن شديد وكني به عن جناب الله تعالى ولا يخفى أنه يأبى الحمل على هذه الكناية تصريح الأخبار الصحيحة بما يخالفها ، وقرأ شيبة وأبو جعفر «آوي» بالنصب على إضمار أن بعد (أَوْ) فيقدر بالمصدر عطفا على (قُوَّةً) ونظير ذلك قوله :