المنصوب ، وقال غير واحد تجوز الحالية من كل من الضميرين أي لتركبوها متزينين أو متزينا بها ، وقال الزمخشري بعد حكاية القراءة : أي خلقها زينة لتركبوها ، ومراده على ما قيل أن الزينة إما ثاني مفعولي ـ خلق ـ على إجرائه مجرى جعل أو هو حال عن المفعولات الثلاثة على الجمع ، وجوز كونه مفعولا له (لِتَرْكَبُوها) وهو بمعنى التزين فلا يرد عليه اختلاف فاعل الفعلين ؛ قيل : وأما لزوم تخصيص الركوب المطلوب بكونه لأجل الزينة وكون الحكمة في خلقها ذلك وكون ذلك هو المقصود الأصلي لنا فلا ضير فيه لأن التجمل بالملابس والمراكب لا مانع منه شرعا وهو لا ينافي أن يكون لخلقها حكم أهم كالجهاد عليها وسفر الطاعات ، وإنما خص لمناسبته لمقام الامتنان مع أن الزينة على ما قال الراغب ما لا يشين في الدنيا ولا في الآخرة ، وأما ما يزين في حالة دون أخرى فهو من وجه شين اه فتأمل ولا تغفل.
واستدل بالآية على حرمة أكل لحوم المذكورات لأن السوق في معرض الاستدلال بخلق هذه النعم منة على هذا النوع دلالة على التوحيد وسوء صنيع من يقابلها بالإشراك والحكيم لا يمن بأدنى النعمتين تاركا أعلاهما ، كيف وقد ذكر أماما. وروى ابن جرير وغيره القول بكراهة أكل لحوم الخيل لهذه الآية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، وروي عن أبي حنيفة عليه الرحمة أنه قال : رخص بعض العلماء في لحم الخيل فأما أنا فلا يعجبني أكله ، وفي رواية أخرى أنه قال أكرهه والأولى تلوح إلى قوله بكراهة التنزيه والثانية تدل على التحريم بناء على ما روي عن أبي يوسف أنه سأله إذا قلت : في شيء أكرهه فما رأيك فيه؟ فقال : التحريم ، وكأنه لهذا قال صاحب الهداية الأصح أن كراهة أكل لحمها تحريمية عند الإمام ، وفي العمادية أنه رضي الله تعالى عنه رجع عن القول بالكراهة قبل موته بثلاثة أيام وعليه الفتوى ، وقال صاحباه والإمام الشافعي رضي الله تعالى عنهم : لا بأس بأكل لحوم الخيل. وأجاب بعض الشافعية عن الاستدلال بالآية بمنع كون المذكور أدنى النعمتين بالنسبة إلى الخيل قال : ذلك لأن الآية وردت للامتنان عليهم على نحو ما ألفوه ، ولا ينكر ذو أرب أن معظم الغرض من الخيل الركوب والزينة لا الأكل بخلاف النعم ، وذكر أغلب المنفعتين وترك أدناهما ليس بدعا بل هو دأب اختصارات القرآن وذكره في الأول إن لم يصر حجة لنا في الاكتفاء مع التنبيه على أنه نزر في المقابل فلا يصير حجة علينا ، فظهر أنه لا استدلال لا من عبارة الآية ولا من إشارتها.
واستدلوا على الحل بما صح من حديث جابر أنه صلىاللهعليهوسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية والبغال وأذن عليه الصلاة والسلام في لحم الخيل يوم خيبر ، وفيه دليل عندهم على أن الآية لا تدل على التحريم لإفادته أن تحريم لحوم الحمر الأهلية إنما وقع عام خيبر كما هو الثابت عند أكثر المحدثين وهذه السورة مكية فلو علم التحريم مما فيها كان ثابتا قبله ، وبحث فيه بأن السورة وإن كانت مكية يجوز كون هذه الآية مدنية ، وفيه أن مثل ذلك يحتاج إلى الرواية ومجرد الجواز لا يكفي ، وعورض حديث جابر بما أخرجه أبو عبيد وأبو داود والنسائي وابن المنذر عن خالد بن الوليد قال : «نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع وعن لحوم الخيل والبغال والحمير» والترجيح كما قال في الهداية للمحرم ، لكن أنت تعلم أن هذا الخبر يوهي أمر الاستدلال لما أن خالدا قد أسلم بالمدينة والآية مكية فلو كان التحريم معلوما منها لما كان للنهي الذي سمعه كثير فائدة ، والجملة الاستدلال بالآية على حرمة لحوم الخيل لا يسلم من العثار فلا بد من الرجوع في ذلك إلى الأخبار. والحكم عند تعارضها لا يخفى على ذوي الاستبصار ، والذي أميل إليه الحل والله تعالى أعلم (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) أي ويخلق غير ذلك الذي فصله سبحانه لكم ، والتعبير عنه بما ذكر لأن مجموعه غير معلوم ولا يكاد يكون معلوما فالكلام إجمالا لما عدا الحيوانات المحتاج غالبا احتياجا ضروريا أو غير ضروري ، والعدول إلى صيغة الاستقبال للدلالة على الاستمرار والتجدد أو لاستحضار الصورة ، ويجوز أن يكون