الشيطان فقد روى البخاري وأبو داود والنسائي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : سألت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم عن الالتفات في الصلاة فقال : «هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة أنه قال في مرضه : أقعدوني أقعدوني فإن عندي وديعة أودعنيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يلتفت أحدكم في صلاته فإن كان لا بدّ فاعلا ففي غير ما افترض الله تعالى عليه».
وترك العبث بثيابه أو شيء من جسده ، وإنكار منافاته للخشوع مكابرة ، وقد أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول لكن بسند ضعيف عن أبي هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه رأى رجلا يعبث بلحيته في صلاته فقال : «لو خشع قلب هذا خشعت جوارحه» ، وترك رفع البصر إلى السماء وإن كان المصلي أعمى وقد جاء النهي عنه ، فقد أخرج مسلم وأبو داود وابن ماجة عن جابر بن سمرة قال : «قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم» وكان قبل نزول الآية غير منهي عنه ، فقد أخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء فنزلت (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) فطأطأ رأسه ، وترك الاختصار وهو وضع اليد على الخاصرة وقد ذكروا أنه مكروه ، وجاء عنه صلىاللهعليهوسلم «الاختصار في الصلاة أصل النار» أي إن ذلك فعل اليهود في صلاتهم استراحة وهم أهل النار لا أن فيها راحة كيف وقد قال تعالى : (لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) [الزخرف : ٧٥] ومن أفعالهم أيضا فيها التميل وقد جاء النهي عنه. أخرج الحكيم الترمذي من طريق القاسم بن محمد عن أسماء بنت أبي بكر عن أم رومان والدة عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : رآني أبو بكر رضي الله تعالى عنه أتميل في صلاتي فزجرني زجرة كدت أنصرف عن صلاتي ثم قال : «سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إذا قام أحدكم في الصلاة فليسكن أطرافه لا يتميل تميل اليهود فإن سكون الأطراف في الصلاة من تمام الصلاة» وقال في الكشاف : من الخشوع أن يستعمل الآداب وذكر من ذلك توقي كف الثوب والتمطي والتثاؤب والتغميض (١) وتغطية الفم والسدل والفرقعة والتشبيك وتقلب الحصى ، وفي البحر نقلا عن التحرير أنه اختلف في الخشوع هل هو من فرائض الصلاة أو من فضائلها ومكملاتها على قولين والصحيح الأول ومحله القلب ا ه ، والصحيح عندنا خلافه ، نعم الحق أنه شرط القبول لا الإجزاء.
وفي المنهاج وشرحه لابن حجر ويسن الخشوع في كل صلاته بقلبه بأن لا يحضر فيه غير ما هو فيه وإن تعلق بالآخرة وبجوارحه بأن لا يعبث بأحدها ، وظاهر أن هذا مراد النووي من الخشوع لأنه سيذكر الأول بقوله : ويسن دخول الصلاة بنشاط وفراغ قلب إلا أن يجعل ذلك سببا له ولذا خصه بحالة الدخول.
وفي الآية المراد كل منهما كما هو ظاهر أيضا ، وكان سنة لثناء الله تعالى في كتابه العزيز على فاعليه ولانتفاء ثواب الصلاة بانتفائه كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة ، ولأن لنا وجها اختاره جمع أنه شرط للصحة لكن في البعض فيكره الاسترسال مع حديث النفس والعبث كتسوية ردائه أو عمامته لغير ضرورة من تحصيل سنة أو دفع مضرة ، وقيل يحرم ا ه ، وللإمام في هذا المقام كلام طويل من أراده فليرجع إليه.
وتقديم الظرف قيل لرعاية الفواصل ، وقيل ليقرب ذكر الصلاة من ذكر الإيمان فإنهما أخوان وقد جاء إطلاق
__________________
(١) قيل هو فعل اليهود وجاء النهي عنه لكن من طريق ضعيف ، وقال النووي : عندي أنه لا يكره ما لم يخف ضررا انتهى ، وربما يقال : إن فيه منعا لتفريق الذهن فيكون سببا لحضور القلب والخشوع ، ولذا أفتى ابن عبد السلام بأنه أولى إذا شوش عدمه خشوعه أو حضور قلبه مع ربه عزوجل ا ه منه.