عِنْدِنا قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ (٤٨) قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٩) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥٠) وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥١) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣) أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤) وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (٥٥) إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(٥٦)
(فَلَمَّا أَتاها) أي النار التي آنسها.
(نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ) أي أتاه النداء من الجانب الأيمن بالنسبة إلى موسى عليهالسلام في مسيره فالأيمن صفة الشاطئ وهو ضد الأيسر ، وجوز أن يكون الأيمن بمعنى المتصف باليمن والبركة ضد الأشأم ، وعليه فيجوز كونه صفة للشاطئ أو الوادي ، و (مِنْ) على ما اختاره جمع لابتداء الغاية متعلقة بما عندها ، وجوز أن تتعلق بمحذوف وقع حالا من ضمير موسى عليهالسلام المستتر في نودي أي نودي قريبا من شاطئ الوادي ، وجوز على الحالية أن تكون ـ من ـ بمعنى في كما في قوله تعالى : (ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) [الأحقاف : ٤] أي نودي كائنا في شاطئ الوادي ، وقوله تعالى : (فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ) في موضع الحال من الشاطئ أو صلة لنودي ، والبقعة القطعة من الأرض على غير هيئة التي إلى جنبها وتفتح باؤها كما في القاموس ، وبذلك قرأ الأشهب العقيلي. ومسلمة ، ووصفت بالبركة لما خصت به من آيات الله عزوجل وأنواره.
وقيل : لما حوت من الأرزاق والثمار الطيبة وليس بذاك ، وقوله سبحانه : (مِنَ الشَّجَرَةِ) بدل من قوله تعالى : (مِنْ شاطِئِ) أو الشجرة فيه بدل من شاطئ وأعيد الجار لأن البدل على تكرار العامل وهو بدل اشتمال فإن الشاطئ كان مشتملا على الشجرة إذ كانت نابتة فيه ، و (مِنْ) هنا لا تحتمل أن تكون بمعنى في كما سمعت في من الأولى ، نعم جوز فيها أن تكون للتعليل كما في قوله تعالى : (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا) [نوح : ٢٥] متعلقة بالمباركة أي البقعة المباركة لأجل الشجرة ، وقيل : يجوز تعلقها بالمباركة مع بقائها للابتداء على معنى أن ابتداء بركتها من الشجرة ، وكانت هذه الشجرة على ما روي عن ابن عباس عنابا ، وعلى ما روي عن ابن مسعود سمرة ، وعلى ما روي عن ابن جريج والكلبي ووهب عوسجة. وعلى ما روي عن قتادة ومقاتل عليقة وهو المذكور في التوراة اليوم ، وأن في قوله تعالى : (أَنْ يا مُوسى) تحتمل أن تكون تفسيرية وأن تكون مخففة من الثقيلة والأصل بأنه ، والجار متعلق بنودي ، والنداء قد يوصل بحرف الجر أنشد أبو علي :
ناديت باسم ربيعة بن مكدم |
|
أن المنوه باسمه الموثوق |
والضمير للشأن وفسر الشأن بقوله تعالى : (إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) وقرأت فرقة «أني» بفتح الهمز ،