له زبيبتان يأخذه بشدقيه يقول : أنا مالك ، أنا كنزك ، ثم تلا هذه الآية : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) ... إلى آخرها.
وهذا نصّ لا يعدل عنه إلى غيره. أما أنّ القول الثاني يدخل في الآية بطريق الأولى ؛ لأنه إذا منع واجبا مما أخبر به صاحب الشريعة فاستحقّ العقاب فمنعه وقطعه لموجب الشريعة ومبلّغها ، وشارحها أولى بوجوب العقاب وتضعيفه.
الآية الخامسة والعشرون ـ قوله تعالى (١) : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ فيها أربعة أقوال :
الأول ـ الذين يذكرون الله في الصلاة المشتملة على قيام وقعود ومضطجعين على جنوبهم.
الثاني ـ أنها في المريض الذي تختلف أحواله بحسب استطاعته ؛ قاله ابن مسعود.
الثالث ـ أنه الذّكر المطلق.
الرابع ـ قاله ابن فورك : المعنى قياما بحقّ الذّكر وقعودا عن الدعوى فيه.
المسألة الثانية ـ في الأحاديث المناسبة لهذا المعنى ، وهي خمسة :
الأول ـ روى الأئمة عن ابن عباس قال : بتّ عند خالتي ميمونة ... وذكر الحديث إلى قوله : فاستيقظ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجعل يمسح النوم عن وجهه ، ويقرأ (٢): (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) العشر الآيات.
الثاني ـ روى البخاري وأبو داود والنسائي وغيرهم عن عمران بن حصين أنه كان به باسور ، فسأل النبىّ صلّى الله عليه وسلّم (٣) فقال : صلّ قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنب.
الثالث ـ روى الأئمة منهم مسلم أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلّم كان يذكر الله على كلّ أحيانه
__________________
(١) الآية الواحدة والتسعون بعد المائة.
(٢) الآية التي قبلها ، وهي الآية التسعون بعد المائة.
(٣) ابن كثير : ١ ـ ٤٣٨