واحد منهما بدل عن صاحبه ، ومنفعة كلّ واحد منهما لصاحبه عوض عن منفعة الآخر ، والصّداق زيادة فرضه الله تعالى على الزواج لما جعل له في النكاح من الدرجة ، ولأجل خروجه عن رسم العوضية جاز إخلاء النكاح عنه ، والسكوت عن ذكره ، ثم يفرض بعد ذلك بالقول ، أو يجب بالوطء.
وكذلك أيضا قالوا : لو فسد الصداق لما تعدّى فساده إلى النكاح ، ولا يفسخ النكاح بفسخه لمّا كان معنى زائدا على عقده وصلة في حقه ، فإن طابت المرأة نفسا بعد وجوبه بهبته للزوج وحطّه فهو حلال له ، وإن أبت فهي على حقها فيه ، كانت بكرا أو ثيّبا حسبما اقتضاه عموم القرآن في ذلك.
وقال علماؤنا : إنّ الله سبحانه جعل الصّداق عوضا ، وأجراه مجرى سائر أعواض المعاملات المتقابلات ، بدليل قوله تعالى : (١) (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) ؛ فسماه أجرا ، فوجب أن يخرج به عن حكم النّحل إلى حكم المعاوضات.
وأما تعلّقهم بأنّ كلّ واحد من الزوجين يتمتّع بصاحبه ويقابله في عقد النكاح ، وأنّ الصداق زيادة فيه فليس كذلك ؛ بل وجب الصداق على الزوج ليملك به السلطنة على المرأة ، وينزل معها منزلة المالك مع المملوك فيما بذل من العوض فيه ، فتكون منفعتها بذلك له فلا تصوم إلّا بإذنه ، ولا تحجّ إلا بإذنه ، ولا تفارق منزلها إلّا بإذنه ، ويتعلق حكمه بمالها كلّه حتى لا يكون لها منه إلّا ثلثه ، فما ظنّك ببدنها.
وقد روى عن مالك أنه قال : يفسد النكاح لفساده ، فيفسخ قبل وبعد.
والمشهور أنه يفسخ قبل الدخول ، ويثبت بعده ، لما فات من الانتفاع ومضى من الاستمتاع.
وروى أنه لا يفسخ لا قبله ولا بعده ، على ما تقرّر في المسائل الخلافية.
وأما طيب نفس المرأة به إن كانت مالكة فصحيح داخل تحت العموم.
وأما البكر فلم تدخل تحت العموم ؛ لأنها لا تملك مالها ، كما لم تدخل فيه الصغيرة عندهم والمجنونة والأمة. وإن كنّ من الأزواج ، [١١٣] ولكن راعى قيام الرّشد ، ودليل التملك للمال
__________________
(١) سورة النساء ، آية : ٢٤