أو ينتفى ؛ وذلك هو المراد ، فأما كثرة العيال فلا يصح أن يقال : ذلك أقرب إلى ألّا يكثر عيالكم.
الآية الرابعة ـ قوله تعالى (١) : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ من المخاطب بالإيتاء؟
وقد اختلف الناس [١١٢] في ذلك على قولين :
أحدهما ـ أنّ المراد بذلك الأزواج. الثاني ـ أنّ المراد به الأولياء ؛ قاله أبو صالح.
واتفق الناس على الأول ؛ وهو الصحيح ؛ لأنّ الضمائر واحدة ؛ إذ هي معطوفة بعضها على بعض في نسق واحد ، وهي فيما تقدّم بجملته الأزواج ؛ فهم المراد هاهنا ؛ لأنه تعالى قال (٢) : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ، فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ، ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا. وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَ) ...
فوجب تناسق الضمائر ، وأن يكون الأول هو الآخر فيها أو منها.
المسألة الثانية ـ قوله تعالى : (نِحْلَةً).
وهي في اللغة عبارة عن العطيّة الخالية عن العوض ، واختلف في المراد بها هاهنا على ثلاثة أقوال :
الأول ـ معناه : طيبوا نفسا بالصداق ، كما تطيبون بسائر النّحل والهبات.
الثاني ـ معناه نحلة من الله تعالى للنساء ؛ فإن الأولياء كانوا يأخذونها في الجاهلية ، فانتزعها الله سبحانه منهم ونحلها النساء.
الثالث ـ أنّ معناه عطية من الله ؛ فإنّ الناس كانوا يتناكحون في الجاهلية بالشّغار (٣) ويخلون النكاح من الصداق ؛ ففرضه الله تعالى للنساء ونحله إياهنّ.
المسألة الثالثة ـ قال أصحاب الشافعى : النكاح عقد معاوضة انعقد بين الزوجين ، فكلّ
__________________
(١) الآية الرابعة من السورة.
(٢) الآية السابقة : ٣
(٣) الشغار : نكاح كان في الجاهلية ، وهو أن يقول الرجل لآخر : زوجني ابنتك أو أختك على أن أزوجك ابنتي أو أختى ، على أن صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى. وفي الحديث : لا شغار في الإسلام.