وقد قال علماؤنا فيه سبعة معان : الأول الميل ؛ قال يعقوب : عال الرجل إذا مال ، قال الله تعالى : (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا).
وفي العين : العول : الميل في الحكم إلى الجور ، وعال السهم عن الهدف : مال عنه ، وقال ابن عمر : إنه لعائل الكيل والوزن ، وينشد لأبى طالب (١) :
بميزان قسط لا يغلّ (٢) شعيرة |
|
له شاهد من نفسه غير عائل |
الثاني ـ عال : زاد. الثالث ـ عال : جار في الحكم. قالت الخنساء (٣) :
ويكفى العشيرة ما عالها
الرابع ـ عال : افتقر. قال الله تعالى (٤) : (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ).
الخامس ـ عال : أثقل ؛ قاله ابن دريد ، وربما كان ذلك معنى بيت الخنساء ، وكان به أقعد.
السادس ـ قام بمئونة العائل ، ومنه قوله عليه السلام : ابدأ بمن تعول.
السابع ـ عال : غلب ، ومنه عيل صبره ، أى غلب.
هذه معانيه السبعة ليس لها ثامن ، ويقال : أعال الرجل كثر عياله ، وبناء عال يتعدى ويلزم ، ويدخل بعضه على بعض ، وقد بينّا تفصيل ذلك في ملجئة المتفقهين ، كما قدّمنا في مسألة مثنى وثلاث ورباع مفصّلا بجميع وجوهه.
فإذا ثبت هذا فقد شهد لك اللفظ والمعنى بما قاله مالك ؛ أما اللفظ فلأنّ قوله تعالى: (تَعُولُوا) فعل ثلاثي يستعمل في الميل الذي ترجع إليه معاني «ع ول» كلها ، والفعل في كثرة العيال رباعي لا مدخل له في الآية ، فقد ذهبت الفصاحة ولم تنفع الضاد المنطوق بها على الاختصاص.
وأما المعنى فلأنّ الله تعالى قال : ذلك أدنى ، أقرب إلى أن ينتفى العول ـ يعنى الميل ، فإنه إذا كانت واحدة عدم الميل ، وإذا كانت ثلاثا فالميل أقل ، وهكذا في اثنتين ؛ فأرشد الله الخلق إذا خافوا عدم القسط والعدل بالوقوع في الميل مع اليتامى أن يأخذوا من الأجانب أربعا إلى واحدة ؛ فذلك أقرب إلى أن يقلّ الميل في اليتامى وفي الأعداد المأذون فيها ،
__________________
(١) اللسان ـ مادة عيل.
(٢) في ا : لا يعيل ، والمثبت من اللسان.
(٣) الديوان : ٧٦ ، والرواية فيه :
وليس بأولى ولكنه |
|
سيكفى العشيرة ما غالها |
(٤) سورة التوبة ، آية : ٢٨