يأكل حتى يشبع. ودليله أن الضرورة (١) ترفع التحريم فيعود مباحا ، ومقدار الضرورة إنما هو من حالة عدم القوت إلى حالة وجوده حتى يجد ، وغير ذلك ضعيف.
المسألة العاشرة ـ من اضطر إلى خمر (٢) ، فإن كان بإكراه شرب بلا خلاف ، وإن كان لجوع أو عطش فلا يشرب ، وبه قال مالك في العتبية ، وقال : لا تزيده الخمر إلا عطشا ، وحجّته أن الله تعالى حرّم الخمر مطلقا ، وحرّم الميتة بشرط عدم الضرورة ، ومنهم من حمله على الميتة.
وقال أبو بكر الأبهرىّ : إن ردّت الخمر عنه جوعا أو عطشا شربها. وقد قال الله تعالى (٣) في الخنزير : (فَإِنَّهُ رِجْسٌ) ، ثم أباحه للضرورة ، وقال تعالى أيضا في الخمر (٤) : إنها رجس فتدخل في إباحة ضرورة الخنزير ؛ فالمعنى الجلىّ الذي هو أقوى من القياس ؛ ولا بدّ أن تروى ولو ساعة وتردّ الجوع ولو مدّة.
المسألة الحادية عشرة ـ إذا غصّ بلقمة فهل يجيزها [بخمر] (٥) أم لا؟ قيل : لا يسيغها (٦) بالخمر مخافة أن يدّعى ذلك.
وقال ابن حبيب : يسيغها لأنها حالة ضرورة.
وقد قال العلماء : من اضطرّ إلى أكل الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكل دخل النار ، إلا أن يعفو الله تعالى عنه.
والصحيح أنه سبحانه حرّم الميتة والدم ولحم الخنزير أعيانا مخصوصة في أوقات مطلقة [٣٢] ، ثم دخل التخصيص بالدليل في بعض الأعيان ، وتطرّق التخصيص بالنص إلى بعض الأوقات والأحوال ، فقال تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) ؛ فرفعت الضرورة التحريم ، ودخل التخصيص أيضا بحال الضرورة إلى حال تحريم الخمر لوجهين :
أحدهما ـ حملا على هذا بالدليل كما تقدّم من أنه محرّم ، فأباحته الضرورة كالميتة.
والثاني ـ أنّ من يقول : إنّ تحريم الخمر لا يحلّ بالضرورة ذكر أنها لا تزيده إلا عطشا
__________________
(١) هنا في هامش م : مسألة في ترخيص المضطر.
(٢) هنا في هامش م : مسألة في المضطر إلى شرب الخمر.
(٣) سورة الأنعام : ١٤٥ ، والآية : فإنه رجس.
(٤) سورة المائدة ٩٠ ، والآية : رجس من عمل الشيطان.
(٥) ليس في م.
(٦) في ق : يسيغها.