وقاعدة جواز العفو عن ذنوب المؤمن بغير توبة ـ التي ذكرها المتكلمون من أصحابنا رضياللهعنهم ، وغيرهم ـ مع دليلها العقلي والسمعي ، تعاضد هذه الأخبار وتقويها (١) ..
__________________
وأورده فرات الكوفي في تفسيره : ٢٩٣ ح ٩ ، قال : حدثني أحمد بن علي بن عيسى الزهري معنعنا عن الأصبغ بن نباتة ، وعنه بحار الأنوار ٦ / ٢٤٦ ح ٧٨ و ٦٨ / ٦٠ ح ١١٠.
(١) قال العلامة الحلي في مناهج اليقين ـ ص ٣٥٨ ـ في مسألة العفو :
اتفقت المعتزلة على أنه لا يجوز العفو ابتداء عن أصحاب الكبائر سمعا ، واختلفوا في جوازه عقلا ، فذهب البغداديون إلى أنه لا يجوز ، وذهب البصريون إلى جوازه ، وذهبت الإمامية إلى جوازه عقلا وسمعا.
أما عقلا ، فلأن العفو إحسان فيكون حسنا ، والمقدمتان قطعيتان ، ولأنه حقه ، وفي استيفائه ضرر على المكلف ، فلا مضرة عليه تعالى في إسقاطه ، فيكون إسقاطه حسنا قطعا.
لا يقال : العلم بالعفو إغراء بالقبيح ، فيكون العفو قبيحا. ولأن العفو مع الوعيد كذب.
لأنا نقول : العفو ليس بقطعي ، فلا يكون إغراء بالقبيح ، كما إن المكلف يسقط بتوبته العقاب ، مع أن التوبة ليست إغراء بالقبيح ، لأنها ليست متيقنة الحصول.
وأما الوعيد ، فمعارض بآيات الوعد.
وأما النقل ، فوجوه :
أحدها : قوله تعالى : (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك). [سورة النساء ٤ : ٤٨ و ١١٦].
فنقول : هذا الغفران إما أن يكون مع التوبة أو بدونها. والأول باطل ، للإجماع بأن الشرك مغفور مع التوبة ، فالثاني حق.
ولا يمكن أن يقال : إن عدم غفران الشرك مع عدم التوبة ، وغفران ما دون ذلك بها ، لخروج الكلام عن النظم الصحيح. لا يبقي للفضل معنى. ولأن الغفران مع التوبة واجب فلا يجوز تعلقه بالمشيئة.
لا يقال : الغفران هو الستر لا الإسقاط. وتحقيق الغفران في حق صاحب الذنب تأخير عقوبته إلى يوم القيامة ، وتحقيق عدمه في حق الكافر هو تعجيلها. وتحقيق