__________________
وإلا لكان ظالما ـ تعالى الله عنه ـ ، والظالم بذلك ضروري ..
وإما مستحق على العبد ، فيجب عليه تعالى الانتصاف للمظلوم من الظالم ، لأنه لما مكنه من الظلم بإعطاء القدرة ولم يمنعه بالجبر ، وجب عليه الانتصاف ، وهو أن يأخذ من منافع الظالم التي استحقها على الله أو على غيره للمظلوم بقدر ما يوازي ظلمه ، وإلا لكان تعالى بالتمكين ظالما.
ولا يلزم من تمكينه الظالم كون العوض عليه تعالى ، لأنه لم يأمره بالظلم ولم يجبره عليه ، بل إنما أعطاه القدرة والتمكين ليستعمل ذلك في الطاعة.
ومثاله : إن من أعطى شخصا سيفا ليقتل به كافرا فقتل به مؤمنا ، فكما إن العوض هنا على القتل فكذا هناك.
قال : وهل يجوز أن يمكن الله تعالى من الظلم من لا عوض له في الحال يوازي فعله؟! جوزه أبو هاشم والبلخي. واختلفا : فيجوز البلخي خروجه من الدنيا بغير عوض ، بل يتفضل الله تعالى على الظالم بالعوض ويدفعه إلى المظلوم ، ومنعه أبو هاشم وأوجب التبقية ، لأن الانتصاف واجب ، فلا تعلق بالتفضل الجائز.
أقول : قد ذكرنا أن الانتصاف الذي هو نقل المنافع إلى المظلوم واجب عليه تعالى ، والآن نقول : هل يجوز في الحكمة أن يمكن الله تعالى من الظلم من لا عوض له يوازي ما صدر عنه ، أم لا؟! جوز ذلك أبو القاسم البلخي ومحمود الخوارزمي وأبو هاشم ، ومنعه السيد المرتضى ـ رضوان الله تعالى عليه ـ.
حجة الأولين : أنه لو لم يكن جائزا لما وقع ، لكنه واقع ، فيكون جائزا وهو المطلوب ..
أما الملازمة : فظاهرة ، وأما بيان الوقوع : فلأنا نرى الملوك والظلمة يصدر عنهم آلام عظيمة ، ومن المستبعد أن يكون لذلك الظالم القاهر أعواض توازي ما صدر عنه بالنسبة إلى كل واحد واحد من المظلومين.
والجواب : غير مستبعد أن يكون قد حصل لذلك الظالم الآلام التي يفعلها الله تعالى به أعواضا كثيرة بحيث ما يوازي ما عليه ، فإن العوض عليه تعالى زائد إلى حد الرضا وعلينا مساوي.
ثم اختلف هؤلاء المجوزون في أنه هل يجوز
أن يخرج من الدنيا ولا عوض له
أم لا؟! فقال أبو القاسم : يجوز ذلك ، لجواز أن يضمن الله تعالى عنه ، ويتفضل