كما إن المقر بالشهادتين التارك للعمل بالكلية لا يستحق على الله تعالى ذلك ، لعدم صحة إيمانه والحال هذه.
وعلى هذا تنزل الأخبار القائلة بأن ولاية أهل البيت عليهمالسلام بدون عمل لا تنفع ، وأن المطيع لله هو وليهم ، والعاصي لله هو عدوهم ، وأن ولايتهم لا تنال إلا بالعمل والورع.
ويكون المقصود من ذلك إبطال مذهب المرجئة من الشيعة الذاهبين إلى أن ولاية أهل البيت عليهمالسلام مغنية عن العمل ، موجبة بنفسها لدخول الجنة ، والنجاة من النار ، وأصلها مقالة الغلاة (١) لعنهم الله ، وتابعهم فيها غيرهم من أهل التشيع ، فأراد الأئمة عليهمالسلام بيان بطلانها ، لبطلان قول المرجئة من العامة (٢) ، وهذه المقالة بعينها موافقة لمقالة النصارى في
__________________
(١) الغلاة : هم الذين غلوا في حق أئمتهم عليهمالسلام حتى أخرجوهم من حدود الخليقة ، وحكموا فيهم بأحكام الإلهية ، فربما شبهوا واحدا من الأئمة بالإله ، وربما شبهوا إلاله بالخلق ، وهم على طرفي الغلو والتقصير. فرق الشيعة ـ للنوبختي ـ : ١٧٣.
وقال العلامة المجلسي رحمهالله : إعلم أن الغلو في النبي والأئمة إنما يكون بالقول بألوهيتهم ، أو بكونهم شركاء لله تعالى في المعبودية ، أو في الخلق والرزق ، أو أن الله تعالى حل فيهم أو اتحد بهم ، أو أنهم يعلمون الغيب بغير وحي أو إلهام من الله تعالى ، أو بالقول في الأئمة عليهمالسلام أنهم كانوا أنبياء ، أو القول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض ، أو القول بأن معرفتهم تغني عن جميع الطاعات ، ولا تكليف معها بترك المعاصي ، وقد عرفت أن الأئمة عليهمالسلام تبرؤوا منهم ، وحكموا بكفرهم ، وأمروا بقتلهم. بحار الأنوار ٢٥ / ٣٣٦.
(٢) المرجئة : فرقة من المخالفين ، يعتقدون بأن المعصية لا تضر مع الإيمان ، ولا تنفع مع الكفر طاعة ، وسموا بهذا الاسم لأنهم قالوا : إن الله أرجأ تعذيبهم على المعاصي ، أي : أخره.
وهم ثلاثة أصناف : صنف منهم قالوا
بالإرجاء في الإيمان ، وبالقدر على
مذاهب القدرية والمعتزلة. وصنف منهم قالوا بالإرجاء بالإيمان وبالجبر في