__________________
التي تسمى كبيرة في عرف الفقهاء تبطل جميع أعماله السابقة ، وقد وافقهم على ذلك الخوارج.
أما الأشاعرة فقد أنكروا الإحباط ، لأنهم يدعون أنه لا يجب على الله ثواب المطيعين ولا عقاب العاصين ، وله أن يعذب المطيع ويعاقب العاصي.
وأما المرجئة فقد وافقوا المعتزلة على مبدأ الإحباط ، ولكن الإيمان بالله عندهم يحبط جميع المعاصي مهما بلغت ، وجميع المعاصي لا تحبط الإيمان ، وذلك عملا بالمبدأ العام الذي ترتكز عليه فكرة الإرجاء : «لا تضر مع الإيمان معصية ، ولا تنفع مع الكفر طاعة».
أما الإمامية فقد أنكروا الإحباط ، لقوله تعالى : (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) ، هذا بالإضافة إلى أن الإحباط يؤدي إلى عدم الوفاء بالوعد والوعيد ، لأنه تعالى قد وعد المطيعين بالثواب ، وتوعد العاصين بالعقاب ، ولازم الإحباط عدم الثواب على الطاعات.
أنظر : الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة : ٢١٤٣ ـ ٢١٥.
قال المعتق في «المعتزلة وأصولهم الخمسة» ـ ص ٢٤٩ ـ :
لقد اختلف المعتزلة في الإحباط على أقوال ، أهمها ما يلي :
الأول : رأي الجمهور منهم ، الذين يرون أن الإنسان إذا عبد الله طول حياته ثم ارتكب كبيرة من الكبائر ، فإنها تبطل جميع أعماله السابقة.
يقول القاضي عبد الجبار : «... إن ما يستحقه المرء على الكبيرة من العقاب يحبط ثواب طاعاته ...».
الثاني : رأي أبي علي الجبائي ـ من متأخري المعتزلة ـ الذي يرى أن الطاعات السابقة على المعاصي يسقط منها بمقدار المعاصي ، وتبقى المعاصي على حالها ، فمثلا من أطاع عشرين مرة ، وعصى عشر مرات ، يسقط من طاعاته بمقدار معاصيه ، وتبقى معاصيه على حالها ، ولو زادت معاصيه على طاعاته ، فإنها تذهب طاعاته بكاملها وتبقى معاصيه.
الثالث :
رأي أبي هاشم ، الذي ذهب إلى أن الإحباط يكون من الطرفين ، فكما
تحبط الطاعات المعاصي ، كذلك تحبط المعاصي الطاعات ، فمثلا : من أطاع عشرا
وعصى عشرين ، فإنه تذهب طاعاته بما يقابلها من المعاصي ، ولا يبقى عليه سوى