والفهم الثاقب والإحاطة الكافية بعلوم الحديث رواية ودراية (١).
ومن الجدير بالإشارة هنا ، أنه ليس كل علة في الحديث تعد قادحة فيه ، إذ عادة ما تكون العلة طفيفة يمكن إزاحتها بالدليل ، بخلاف بعض العلل التي لا يتسنى فيها ذلك ، وأغلب ما وقع في التهذيبين هو من الصنف الأول ، وقليل من الثاني.
ومن أمثلة الحديث المعلل الذي نبه عليه الشيخ قدسسره ، سواء كانت العلة في الإسناد أو المتن ، أو كانت جارية على مقتضاها أو على غيره ، ما يأتي :
١ ـ قوله في التهذيب في باب الحد في الفرية والسب والتعريض : «هذا الخبر ضعيف ، مخالف لما قدمناه من الأخبار الصحيحة ، ولظاهر القرآن ، فلا ينبغي أن يعمل عليه ، على أن فيه ما يضعفه ، وهو : إن أمير المؤمنين عليهالسلام أمر الخصم أن يسب خصمه كما سبه!! ولا يجوز منه عليهالسلام أن يأمر بذلك ، بل الذي إليه أن يأخذ له بحقه من خصمه ، بأن يقيم عليه الحد إن كان ممن وجب عليه ، أو يعزره إن لم يكن ...» (٢).
٢ ـ وفي الاستبصار ، في باب جواز أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام : أورد خبرا عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعن سدير ، عن
__________________
(١) الرعاية : ١٤١ ، وصول الأخيار ـ لوالد الشيخ البهائي ـ : ١١١ ، مقباس الهداية ـ للمامقاني ـ ١ / ٣٦٦ ، نهاية الدراية ـ للسيد حسن الصدر ـ : ٢٩٣ ـ ٢٩٤.
وانظر : التقريب في علوم الحديث ـ للنووي ـ : ١٧ ـ ١٨ النوع (١٨) ، والمختصر في علم الأثر ـ للكافيجي ـ : ١٣٤ ، ورسالة في أصول الحديث ـ للجرجاني ـ : ٨٨ ، والنكت على نزهة النظر ـ للأثري ـ : ١٢٣ ح ٢٩ ، وغيرها.
(٢) التهذيب ١٠ / ٨٨ ح ٣٤٢ باب ٦ ، الاستبصار ٤ / ٢٣١ ح ٨٦٧ باب المملوك يقذف حرا / ١٣١.