بعد صلاة الظهر ، فرأى في نومـه في المكان الذي بُني فيه المشهد كأنّ رجلاً أخرج نص ـ فه من شقيف الجبل المطلّ على المكان ، ومدّ يده إلى أسفل الوادي وأخذ عنزاً ، فقال له : يا مولاي! لأيّ شيء أخذت هذه العنزة وليست لك؟!
فقال : قل لأهل حلب يعمّرون في هذا المكان مشهداً ، ويسمّونه مشهد الحسين عليه السلام.
فقال : لا يرجعون إلى قولي.
فقال : قل لهم يحفرون هناك. ورمى بالعنزة من يده إلى المكان الذي أشار إليه ..
فلمّا استيقظ رأى العنز قد غاصت قوائمها في المكان ، فجذب العنز فظهر الماء من مكان قوائمها ، فدخل حلب ووقف على باب الجامع القبلي وحدّث بما رأى ، فخرج جماعة من أهل البلد إلى المكان الذي ذكره ، فرأوا العلامة على ما وصف ، وكان هذا الموضع الذي ظهرت فيه العين في غاية الصلابة بحيث أنّه لا تعمل فيه المعاول ، به معدن للنحاس قديماً ، فأنبطوا العين فنزّت (١) وغزر ماؤها ..
ثـمّ خطّوا في ذلك المكان المشـهد المذكور ، وتولّى عمارته الحاجّ أبو نصر بن الطبّاخ ، وأخذ له الجمال يوسف بن الإكليلي طالعاً يوم الشروع فيه ، فكان القمر في الأسد على تثليث المشتري ، وبلغني عنه أنّه قال : قد أخذت لهذا المشهد طالعاً لو أراد أهل حلب أن يبنوه ذهباً لَما عجزوا.
وكان ذلك في أيّام الملك الصالح بن الملك العادل نور الدين ،
____________
(١) في الأصل : نَثَرَت.