فأمدّهم بإسراع وعجل ، وشرعوا في البناء ، فبنوا الحائط القبلي واطئاً ..
فلمّا رأى (١) جدي الشيخ إبراهيم بن شدّاد بن خليفة بن شدّاد ، لم يرضه ، وزاد في بنائه من ماله.
وتعاضد الناس في البناء ، فكان أهل الحرف يفرض كلّ واحد منهم على نفسه يوماً يعمل فيه ، وكذا فرض له أهل الأسواق في بياعاتهم دراهم تصرف في المؤن والكلف.
وبنى الإيوان الذي في صدره الحاجّ أبو غانم بن شقويق من ماله.
وهدم بعد ذلك بابهـوكان قصيراً ـ الرئيس صفيّ الدين طارق بن علي البالسي ، رئيس حلب ، ورفع بناءه عمّا كان عليه أوّلاً ، وذلك في سنة خمس وثمانين وخمسمائة ، وفي هذه السنة انتهت عمارته.
ولمّا ملك صلاح الدين يوسف حلب ، زاره في بعض الأيّام وأطلق له عشرة آلاف درهم.
ولمّا ملك ولده الملك الظاهر (٢) حلب ، اهتمّ به ، ووقف عليه رحىً تعرف بالكامليّة ، وكان مبلغ خراجها ستّة آلاف درهم في كلّ سنة ، وأرصدها في شراء كعك وحلو في ليالي الجمع لمن يكون به ، وفوّض النظـر فـي ذلك لنقـيب الأشـراف يوم ـ ئذٍ السـيد الشريف الإمام العالم شمس الديـن أبي علي الحسـين بن زهرة الحسيني ، والقاضي بهاء الدين أبي محمّـد الحس ـ ن بن إبراهيم بن الخشّاب الحلبي.
ولمّا ملك ولده الملك العزيز (٣) حلب ، استخرج منه بهاء الدين
____________
(١) كذا في الأصل ، ولعل : «رآه» أصـح.
(٢) الملك الظاهر غياث الدين أبو الفتح غازيـالأوّلـ، حكم من ٥٨٢ ـ ٦١٣ هـ.
(٣) الملك العزيز غياث الدين أبو المظفّر محمّـد ، حكم من ٦١٣ ـ ٦٣٤ هـ.