المدينة ، وامتلاكهم أزمّة الأُمور فيها حتّى القرن السادس الهجري ؛ إذ كتب في بيان تأسيس «المدرسة الزجاجيّة»ـالتي كانت أوّل مدرسة للشافعية في حلبـ : وهي أوّل مدرسة بُنيت للشافعية ، وتاريخ بنائها يعود لسنة ٥١٣ هـ ، وحين الشروع في أعمال بنائها ، لم يسمح الحلبيّون ببنائها ؛ إذ كان الغالب عليهم التشيّع ، فكلّ ما كان يبنيه الشافعيّون في النهار ، يهدمه الأهالي ليلاً ..
هذا الأمر دفع بحاكم حلب بدر الدولة ابن أُرتق أن يطلب من الشريف زهرة بن علي بن محمّـد بن علي بن أبي إبراهيم الإسحاقي الحسيني ـ عالم الشيعة في ذلك الوقتـان يتدخّل ويفعل شيئاً بهذا الخصوص ؛ فتدخّل ومنع تخريبها.
وأضاف : إنّ الشريف هذا كان من أكابر الأشراف ، ومن أصحاب الرأي ، أصيلاً ، وجيهاً ، ومرجعاً لأهالي حلب ..
وحين أراد عماد الدين الزنگي أن يذهب إلى الموصل سنة ٥٣٩ هـ ، أخذ الشريف مرافقاً له ، وأثناء هذا السفر توفّي الشريف سنة ٥٤٠ هـ (١).
في الحقيقة ، إنّ محاربة الشعائر الشيعية بدأت بعد مجيء نور الدين محمود بن الزنگي سنة ٥٤١ هـالى حلب ؛ فقد كتب ابن الحنبلي بإنّه قام بتجديد المدارس والخانات ، وجلب أهل العلم إلى حلب ..
وقد عيّن برهان الدين أبو الحسن علي بن الحسن البلخي الحنفي بصفة مدرّس ، وأصدر أمره بتغيير الأذان ، فصار ممنوعاً على المؤذّنين قول «حيّ على خير العمل» ، وكان نور الدين الزنگي ، وهو جالس ـ مع من كان برفقته من الفقهاء ـ تحت منارة المسجد الجامع ، يقول : كلّ مؤذّن لا يقول
____________
(١) الأعلاق الخطيرة ١ ـ ق ١ ـ / ٩٦ ـ ٩٧ ؛ وانظر : كنوز الذهب في تاريخ حلب ١ / ٢٧١ ـ ٢٧٢.