الأذان على الطريقة السُنّية ألْقُوُه من المنارة إلى أسفلها (١).
وواضح إنّه لم يكن القضاء على التشيّع ممكناً بهذه البساطة ؛ إذ بعد مرور ثلاث سنوات ، أي في سنة ٥٤٤ ـ طبقاً لما نقله ابن الحنبلي نفسهـ ، حاول نصرة الدينـالأخ الأصغر لنور الدين الزنگي ، وفي الوقت الذي كان نور الدين مريضاً ، وأوضاع حلب قد اضطربتـالتقرّب إلى الشيعة ، وسعى في استمالة قلوبهم ؛ فسمح لهم بإضافة «حيّ على خير العمل» ، و«محمّـد وعليٌّ خير البشر» في الأذان ، فمال الشيعة إليه ، وحدثت الفتنة بين الشيعة والسنّة في المدينة ، والتي كان على أثرها أن قام الشيعة باقتحام ونهب مدرسة ابن أبي عصرون ، والمدارس الأُخرى.
وقدّر شفاء نور الدين ، وذهاب نصرة الدين إلى حرّان ، وفي هذه الفترة طلب نور الدين من قاضي حلب هبة الله بن أبي جرادة بتولّي أعمال القضاء والإمامة والخطبة ، فأعاد الأذان مرّةً أُخرى على الطريقة السُنّية ، وذهب إلى المسجد بنفسه ، وجلس تحت المنارة ، وطلب من المؤذّنين أن يؤذّنوا طبقاً لفتوى أبو حنيفة ، وقد امتنع المؤذّنون من ذلك بسبب أجواء الخوف السائدة آنذاك ، فقال : أنا حاضرٌ هنا ، وحينما ارتفع صوت الأذان السُنّي ، اجتمعت أعداد غفيرة من الشيعة تحت المنارة ، غير أنّ الأوضاع سرعان ما هدأت (٢).
بعد الدولة النورية ، حكمت الدولة الصلاحية أو الأيوبيّة في حلب ، وقبل ذلك ، في سنة ٥٧٠ هـ كانت المدينة مقسمّة بين طائفتين ، السُنّة
____________
(١) الزبد والضرب في تاريخ حلب : ٣٥ ـ ٣٦.
(٢) الزبد والضرب في تاريخ حلب : ٣٧ ـ ٣٨.