والشيعة ، وكان النزاع والخلاف قائماً بينهما (١).
نقل أبو شامة في كتاب الروضتين ـ في ذيل حوادث سنة ٥٧٠ هـ ـ موضوعاً عن ابن أبي طيّ ، قد يساعد ـ نوعاً ما ـ على توضيح حال التشيّع في هذه المدينة ..
فقد ذكر ابن أبي طيّ خبر هجوم الملك الناصرـاي صلاح الدين الأيّوبي ـ على حلب ، وأنّه استقرّ على جبل الجوشن فوق مشهد الدكّة ، ويقصد به : مشهد المحسّن بن الحسين بن عليّ عليه السلام.
ولمّا كان الملك الصالح (ت ٥٧٧ هـ) ابن نور الدين محمود الزنگي قد وصل إلى الحكم حديثاً وبدعم ونصرة الشيعة (٢) ، خشي أن يميل الناس إلى الملك الناصر ؛ فاتّبع سياسـة اللين والمداهنة مع الأهالي (٣) ـ شيعة حلبـ ، فجمعهم في ساحة البلدة ، وخطب فيهم قائلاً : أنا التجئت إليكم ، وإنّ كهولكم بمنزلة أبي ، وشبابكم بمنزلة إخوتي ، و...
في هذه اللحظات ارتفعت أصوات الناس بالبكاء والعويل ، معلنين إخلاصهم ووفائهم له.
واشترطوا عليه ـ لنصرته ـ شروطاً : قولهم «حيّ على خير العمل» في
____________
(١) زبدة الحلب من تاريخ حلب ٣ / ١٥ ـ ١٧.
(٢) بخصوص دعم ونصرة قاضي حلب أبو الفضل بن الخشّابـالشخصية المعتمدة لدى الشيعة ـ للملك الصالح ، انظر : زبدة الحلب ٣ / ١٥ ـ ١٨ ؛ إذ ورد : وكان أهل حلب من الشيعة يتوالون أبا الفضل بن الخشّاب ، ويقدّمونه عليهم ، فوافقوه على حفظ البلد للملك الصالح.
وبخصوص الدور المهمّ لابن الخشّاب في محاربة الصليبيّـين ، وتحريض الناس على حربهم ، انظر : زبدة الحلب ٢ / ١٨٨ ـ ١٨٩.
(٣) مثل العمل الذي رأيناه سابقاً في فترة مرض نور الدين محمود الزنگي.