روى الذهبي عن ابن سيرين ، قال : «لم يكونوا يسألون عن الإسناد حتّى وقعت الفتنة ، فلمّا وقعت نظروا مَن كان من أهل السُنّة أخذوا حديثه ، ومَن كان من أهل البدعة تركوا حديثه» (١).
ولكن ما المراد من السُـنة؟! ومَن أهلها؟! وما المراد من البدعة؟! ومن هم أهلها؟! هذه هي المشكلة!
وروى المزّي عن عبـد الرحمن بن مهدي ، قال : «من رأى رأياً ولم يدع إليه احتُمِل ، ومن رأى رأياً دعا إليه فقد استحقّ الترك» (٢).
وقد أخذ هذا غير واحدٍ من المتأخّرين ، فقيَّد المبتدع بأنْ لا يكون داعيةً إلى مذهبه ...
وأضاف بعضهم إلى ذلك ، ألاّ يكون الحديث الذي يحدّث به ممّا يعضد بدعته ويشيّدها (٣).
ثمّ إنّ الذهبي قسّم البدعة إلى صغرى وكبرى ، بمناسبة وصف «أبان ابن تغلب» بـ : «شيعي جلد ، لكنّه صدوق» ، فقال بأنّ البدعة الصغرى تجتمع مع الدين والورع والصدق ، فلو رُدّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبويّـة وهذه مفسدة بيّنة ... وهي كغلوّ التشيّع ، أو كالتشـيع بلا غلوّ ولا تحـرّف ، والبدعـة الكبرى كالرفض الكامل والغلـوّ فـيه والحطّ على أبـي بكر وعمر والدعاء إلى ذلك ، فهذا النوع لا يحتجّ بهم ولا كرامة ، وليس فيه رجل صادق مأمون (٤).
____________
(١) ميزان الاعتدال ١ / المقدّمة.
(٢) تهذيب الكمال ١ / ١٦٣.
(٣) لسان الميزان ١ / ١٠٤ الطبعة الحديثة.
(٤) ميزان الاعتدال ١ / المقدّمة.