أقـول :
قد خصّصنا الفصل الآتي للبحث عن «التشيّع» و«الرفض» وما يتعلّق بذلك ... والكلام الآن في الرواية عن أهل الفرق الأُخرى ، الخارجين عن أهل السُـنة!!
قال الذهبي : «هذه مسألة كبيرة ، وهي : القدري والمعتزلي والجهمي والرافضي ، إذا عُلم صدقه في الحديث وتقواه ، ولم يكن داعياً إلى بدعته ، فالذي عليه أكثر العلماء قبول روايته ، والعمل بحديثه ، وتردّدوا في الداعية هل يؤخذ عنه؟ فذهب كثير من الحفّاظ إلى تجنّب حديثه وهجرانه ..
وقال بعضهم : إذا علمنا صدقه وكان داعيةً ووجدنا عنده سـنة تفرّد بها ، فكيف يسوغ لنا ترك تلك السُـنة؟! فجميع تصرّفات أئمّة الحديث تؤذن بأنّ المبتدع إذا لم تبح بدعته خروجه من دائرة الإسلام ، ولم تبح دمه ، فإنّ قبول ما رواه سائغ» ..
قال : «وهذه المسألة لم تتبرهن لي كما ينبغي.
والذي اتّضح لي منها أنّ مَن دخل في بدعةٍ ولم يُعدّ من رؤوسها ، ولا أمعن فيها ، يُقبل حديثه» (١).
فانظر ، كيف يضطربون!! وكيف تختلف كلمات الواحد منهم أيضـا!!
والسبب في ذلك هو أنّهم إذا رفضوا أحاديث المنتحلين للمذاهب الأُخرى كلّها أدّى ذلك إلى ضياع الأحكام الشرعية وترك السُـنن النبويّة ،
____________
(١) سير أعلام النبلاء ٧ / ١٥٤.