الظالميـن) (١) (٢) ..
فإنّه واضح الدلالة على إنّ الاِمامة الدينية وزعامتها العامّة هي عهد الله وبجعله ، ولا تنال الظالمين ، بل تجري على روح الصلاحية الدينية وحقيقة مصالح البشر ورغائبهم الصالحة بواسطة العهد بأمرها إلى الصالح الكامل المقدّس في الظاهر والباطن ، وهو من يعلم الله أن لا يظلم غيره ولا نفسه بتعدّي الحدود الشرعية والمعقولة ، كما يشير إلى ذلك بفحواه قوله تعالى : (الله أعلم حيث يجعل رسالته) (٣).
وحجّتهم من العقل ما يرشد إلى وجهه المشرق وَحْيُ الآيتين الكريمتين ، وهو : إنّ الاِمامة الشرعية والزعامة العامة الدينية التي تخلف مقام الرسالة وزعامتها ، وتنوب عنها في وظائفها ، إنّما هي زعامة ومصلحة عامّة للبشر ، لا تختصّ بأُمّة ولا قومية ولا بمصلحة قطر خاصّ أو قادة مخصوصة ، بل تسري بصلاحها العامّ مع الدين حيثما سار ، يداً بيد ، وجنباً لجـنب ..
ويشترك في أمرها وفائدتها وشؤونها ونفوذها كلٌّ من : الاَرملة ، واليتيم ، والطفل ، والهرم ، والضعيف ، والقويّ ، والعاجز ، والعبد ، والمولى ، والفقير ، والغنيّ ، والصالح ، وغيره؛ وهي أكبر مصلحة عامّة ينتظم بها الصلاح والاِصلاح لاَُمور البشر ، ولا يكون من ذلك على الوجه المطلوب فيها والكامل في الصـلاح ، إلاّ ما استند إلى علم الله القدّوس العليم واخـتياره.
____________
(١) سورة البقرة ٢ : ١٣٤.
(٢) راجع مثلاً : تقريب المعارف : ١٩١ ، قواعد العقائد : ٤٦٠.
(٣) سورة الاَنعام ٦ : ١٢٤.