الاَربعين من الهجرة ، نهض بعد سنة ستّين ومائتين وقال بالقول المذكور!!
فيا للاَسف على الاِنسانية وشرفها وكرامة العلم والتاريخ!!
ولا ينبغي أن يخفى على أحد أنّه لم يُعهد لاَحد من الاَئمّة الاثني عشر ، ولم يُعرف له مكث في الحلّة ، ولا سكنىً ، ولا دار ، ولا سرداب! بل لم تكن الحلّة في زمانهم موجودة!! (١).
وإنّما مكث الهادي والعسكري عليهما السلام في سرّ من رأى بجلب الملك العبـاسي وحبسه لهما فيها بحبس النظر ، وفيها وُلد المهديّ سنة مائتين وسـت وخمسين (٢) ، وكان آخر ما ظهر من شؤونه فيها هو أنّ الملك العبـاسي صار يتتبّع آثار المهديّ بعد أبيه بالطلب الحثيث ، ومن ذلك أنّ شرطته هجموا على المهديّ في السرداب ، فجَرَت له كرامة حجبتهم عنـه (٣) ، فكانت للسرداب بتلك الكرامة مزية عند الشـيعة.
ولا ينبغي أن يجهل أحدٌ أنّ اعتقاد الشيعة هو أنّ المهديّ قاطن على
____________
(١) وأوّل من بنى مدينة الحلّة بالجامعين وسكنها هو سيف الدولة صدقة بن منصور ابن دبيس بن علي بن مزيد الاَسدي ، وذلك في سنة ٤٩٥ هـ، وإنّما كان يسكن هو وآباؤه ومن قبله في البيوت العربية.
انظر : الكامل في التاريخ ٩ / ٦٠ حوادث سنة ٤٩٥ هـ.
(٢) أُصول الكافي ١ / ٥٨٧ ح ١٣٥٠.
(٣) انظر : الخرائج والجرائح ١ / ٤٦٠ ح ٥ ، كشف الغمّة ٢ / ٤٩٩ ـ ٥٠٠ ، بحار الاَنوار ٥٢ / ٥٢ ح ٣٧ عن الخرائج ، الفصول المهمّة : ٢٩٣.
وللميرزا النوري رحمه الله شرح وتوضيح لمسألة السرداب وما أُثير حوله من أقاويل جدير بالقراءة ؛ انظر : خاتمة كتابه كشف الاَستار : ٢٠٩ ـ ٢٤٠.
وللاَعلام الشيخ محمّـد حسين كاشف الغطاء والشيخ محمّـد جواد البلاغي والسيّد محسن الاَمين رحمهم الله ردود على ما حيك من شبهات حول السرداب فى ما نظموه ردّاً على القصيدة التي وردت النجف الاَشرف من أحد علماء بغداد ، التي أشرنا إليها سابقاً ؛ انظر : كشف الاَستار (ملحق الكتاب) : ٢٤١ ـ ٢٨٨.